[c]
يازينهم ساكتين -1-
المصدر : د.حمود ابوطالب
(ونأمل أن يطلع على ما نشر حول دور البلدية وواجباتها حيال مواجهة الحدث..).
هكذا اختتم الأستاذ (الحسن بن أحمد النعمي) رئيس بلدية محافظة بيش, تعقيبه, أو اعتراضه, المنشور في هذه الصحيفة, يوم الجمعة (8رجب 1424هـ), تفاعلاً مع واحد من مقالاتي عن ما حدث في بيش.
وللتذكير, فإن (بيش) هي المحافظة الجازانية التي اشتهرت مؤخراً وذاع صيتها بعد أن طمرت أرضها وأهلها السيول.
(هناك أجزاء من العالم لا تشتهر إلا بكوارثها)!!..
إنني أعتذر لسعادة رئيس البلدية لأن اعتراضه نشر وأنا في مهمة قصيرة جداً خارج المملكة, وبعد عودتي لم أطلع عليه مباشرة, وبعد اطلاعي عليه لم أفكر في الرد تفادياً لإثارة الأحزان (أحزاني على الأقل وليست أحزانه بالضرورة), وأولاً وآخراً لأننا -الكتاب- إذا تفرغنا لمثل هذه الردود والتعقيبات التي تصدر من معظم الإدارات الحكومية لما أصبح لدينا وقت لمناقشة أي أمر آخر أكثر أهمية, ولما استطعنا المساهمة في حل أي قضية تخنق مجتمعنا.
ببساطة.. وبصدق.. وجدت (دون مبالغة) ما لا يقل عن مائة رسالة.. توضيح, وشكوى, وتعليق, ومداخلة, جميعها تتحدث عن بيش وسيولها, وتحديداً عن دور البلدية, سابقاً ولاحقاً, وخلال الكارثة.. تلك الرسائل لم يكتبها مأزومون أو متوترون أو جهلة أو متحاملون أو مبغضون, بل أناس على درجة كبيرة من الوعي والإدراك لأن حواسهم تعمل جيداً, ولأنهم المتضررون الذين حاقت بهم الكارثة, ولأنهم ينقلون تفاصيل الواقع كما هو, لا كما يشاء غيرهم.. وحتى أمام هذا الضغط الذي تسببه المسؤولية الأخلاقية تجاه الناس, ترددتُ في الكتابة. لكن التدفق المستمر للمعلومات, جعلني -غصباً عني- أخوض في موضوع اعتراض بلدية بيش, ليس لأهميته في حد ذاته, ولكن لأنه يجسد جانباً بارزاً من الكوارث التفكيرية والإدارية التي عطلت مجتمعنا.
يا رئيس البلدية.. (مع الاعتذار للسيدة فيروز):
هل تسمح لي بالكلام, دون الالتزام بترتيب السرد الذي جاء في حديثك?!
* أول كلمة وردت في تعقيبك كانت: (اطلعنا)!!.. ولو استبدلتها بـ(اطلعت) لتأكدت أنك مسؤول متواضع لا تشغله المفردات المتورمة, حريص أن يكون معبراً عن ذاته, لا مقلداً لغيره من الذين تصيبنا تعبيراتهم ومفرداتهم بالغثيان..
* كان بالإمكان أن أوجه كلامي لأحد غيرك, وأعني به الذي كتب الرد نيابة عنك ثم ورطك بأن يحمل اسمك وتوقيعك رغم أنني لا أعرف من هو, ولكن لأنها فاتت عليك, ولأنك أنت الذي ارتضيت (وربما لم تدرك ذلك) أن تكون في الواجهة, فإنه لم يكن هناك مناص من أن يكون الحوار بيني وبينك, ولا أحد غيرك..
وإذا كانت هذه المسألة غامضة بعض الشيء, سأحاول شرحها.. تقول جملة في ردكم (لقد قطع رئيس بلدية بيش إجازته العادية برغم ظروف ابنه الصحية المتمثلة في عملية جراحية بمستشفى عسير).. بالله عليك هل لو أنت فعلاً من كتب الرد, هل سيكون سياق الكلام هكذا? وهل كانت تأتي هذه الجملة هكذا, وبهذه الصيغة?!
سلامات لابنك ولا أراك الله مكروهاً.. وأتمنى عليك ألا (تبصم) مرة أخرى على ردود مليئة بالمطبات والحفر, شبيهة بشوارع وطرقات بيش..
* لماذا يا أخي حذفت اسم جريدة معروفة شهيرة, لماذا لم تقل صحيفة (الاقتصادية) لا سيما إنني ذكرتها بالاسم في مقالي.. هل تخشون أن تسائلكم الصحيفة أو ترفع عليكم قضية??.. لا بأس عليك, فلو كان هذا المبدأ قائماً لجاءت مساءلتكم من آلاف الناس المنكوبين قبل الجريدة.
* تقول إنني اعتمدت في (تسرعي) بالحكم عليكم بناءً على تقرير صحفي.. وأنا لا أنكر اعتمادي عليه آنذاك لأنني أعرف مهنية ومصداقية المحررين اللذين أعداه.. ولو افترضنا جدلاً أنهما كانا متحاملين على بلديتكم, فما رأيك في العدد الهائل من الرسائل اللاحقة, الموثقة بالصور والإحصاءات والتسلسل الوقتي للأحداث تحت إشراف جهودكم الرائعة.. على فكرة (حلوة حكاية التسرع).
* لابد أن أكبر فيكم إنكار الذات حين تقولون في ردكم (توضيحاً للحقائق التي كنا لا نرغب في نشرها).. صدقني لو كنتم تتكلمون- عن الحقائق فعلاً, وكما هي, لكنت صدقتكم في عدم رغبتكم نشرها, لأنها حقائق لا تشرف وليست مصدراً للفخر. أما إذا كانت الحقائق تتمثل في شرحكم المسهب لانتشار السيارات ومعدات الرش, وتنظيف الشوارع ومنع السيل من دخول المستشفى!! والعمل على مدار الساعة, فإنني أقول, بكل وضوح, لقد رأينا النتائج الباهرة بعيوننا, ولقد لهجت بها ألسنة الكل في بيش وقراها!!
وقبل أن أنسى, لابد أن أنوه بإنجازكم التاريخي الذي أشرتم إليه في ردكم, وهو (إخراج شاحنة محروقات سقطت مؤخرتها في الكوبري, وكذلك إخراج الشيول الذي كان يعمل في إصلاح الكوبري).. لله دركم.. لأول مرة نعرف أن مؤخرة الشاحنة وهيكل الشيول أهم من البشر, فقط لدى بلدية بيش!!.
عفواً.. عفواً.. المساحة لا تكفي لأكثر من هذا.. وحتى يكتمل الحديث, هل يتسع صدرك يابلدية بيش لتسمعيني غداً?!
[/c]
|
 |
رد مع اقتباس
