دُروع .. الأعادي!
(حسبتُهُم دُروعاً) في العوادي *** (فكانُوها ولكنْ للأعادي)
أساؤُوا الظنَّ فينا ثُمَّ قولاً *** وما أَبِهوا بآثارٍ شِدادِ
ولو طَرَقُوا لِبابِ النُّصحِ حقًّا *** لَنالُوا أجرَ حالٍ باجتهادِ
فإنَّ الدِّينَ نُصحٌ وانتِصاحٌ *** ودينُ الله نَفعٌ للعِبادِ
فليس الضُّرُّ نافِعَنا بشيءٍ *** فإنَّ الكُفرَ يأتِي مِن عِنادِ
فَخَلِّ النُّصْحَ يا هذا سديداً *** ودوداً دونَ خَصْمٍ أو لِدادِ
وبابُ النُّصْحِ دَوماً في عطاءٍ *** جليلٍ أصلُهُ وبلا نَفَادِ
ألا فاذْكُرْ لقولِ الشافعيِّ *** (تعهَّدْنِي النَّصيحةَ في انفرادِ)
ومع هذا أقولُ لكم بحرصٍ *** أُحِبُّكُمُ بصدقٍ مِن فُؤادِي
ولستُ بمُعرِضٍ عمَّا ذَكَرتُم *** كإعراضِ الصُّخورِ مِن الجمادِ
وإنِّي طامعٌ منكُم بقولٍ *** تُنالُ به الحقيقةُ في السَّدادِ
فأُصغِي للنصيحةِ باهتمامٍ *** لأسمعَ منكُمُ وبلا نِدادِ
فغايةُ صُحبةٍ مِنَّا لِقاءٌ *** على أصلِ المحبَّةِ كالعِمَادِ
ولستُ مُسَوِّياً فيما صنعتُم *** كما بين المحبِّ وكالمُعادِي
وحَظُّ القولِ إخوانِي قَبُولٌ *** إذا كان الكلامُ مِن الجِيادِ
ولكنِّي دُهِشْتُ بما سمعتُ *** فكانت أدمُعِي مِنِّي مِدادِي
أَغُضُّ الطَّرْفَ عنهُم كُلَّ حينٍ *** وهذا عند ربِّي خيرُ زادِي
هو المُنْجِي لعبدٍ في حِسابٍ *** هو المَلْجَا لَنَا يومَ التَّنادِ
ولستُ مُقابِلاً منهُم لسوءٍ *** بسوءٍ دونَ ذا خَرْطُ القَتادِ
وإنِّي سائلٌ مولىً جليلاً *** يُعافي الكُلَّ مِن خُلُقِ الفسادِ
وأجسادٌ وإنْ قَرُبَتْ مَكاناً *** ولكنَّ القُلوبَ لَفِي بِعادِ
فوَا أسَفِي على حالٍ عسيرٍ *** يُخالفُ سُوؤُهُ قصدي مُرادِي
فأخلاقٌ حِسانٌ مِن كريمٍ *** تراها دائماً حالَ ازديادِ
وأخلاقُ الإساءةِ ليس فيها *** سوَى أثرٍ يُماثلُ للرَّمادِ
فلا تَغضبْ ولا تَسخَطْ أخانا *** ألا فاحْلَمْ تَكُن أهلَ الرَّشادِ
وعامِلْ إخوةً دَوماً بحُسْنٍ *** فهُمْ ليسُوا كأطفالِ المِهادِ
وعالِجْ للقُلوبِ بكُلِّ حَزْمٍ *** بكلِّ عزيمةٍ كُلِّ اضْطِرادِ
ولا تظلمْ أخاكَ ولو قليلاً *** لتدخلَ تحتَ نصِّ (أيا عبادِي)
فلا تَبْأَسْ أُخَيَّ بضدِّ ندٍّ *** ولا تَحْفِلْ بهِندٍ أو سُعادِ
وكُن كالنَّحلةِ المِعطاءِ فَضلاً *** سواءٌ في الوِهادِ أو النِّجادِ
ولا تُشبِهْ بفعلِك سوءَ صُنْعٍ *** كحالِ بعوضةٍ وكذا قُرادِ
وإنِّي عارفٌ حقًّا وصِدْقاً *** حقيقةَ ما أقولُ وما أُنادِي
فليس القولُ يا هذا خَيالاً *** ولا أثَراً يكونُ بلا جِهادِ
فكُن دَوماً على خُلُقٍ كريمٍ *** تكُن أبداً أخانا في ازدِيادِ
إذا صَدَقَتْ نَوايا مِن صديقٍ *** صدوقِ الوُدِّ مُرتاحِ الوِسادِ
تَنَمْ دَوماً قريرَ العينِ تَنأَى *** بنفسِك عن كَرىً أو عن سُهادِ
فجاهِدْ للهوَى والنَّفْسِ جِدًّا *** ولا تَكُ حاقِداً مثلَ الجُخادِي
وعند البحثِ لِنْ مَعْ مَن تُجاري *** ولا تكُ مُغْلِظاً حالَ الذِّيادِ
ولستَ بمُؤمنٍ إيمانَ حقٍّ *** بغيرِ محبَّةٍ لأخِي الوِدادِ
فسابِقْ يا أُخَيَّ رَفِيقَ نَهْجٍ *** إلى الإحسانِ كالخيلِ الوِرَادِ
وهَيَّا أسْرِعَنْ للصُّلْحِ سَبْقاً *** فذا في الضَّائِقاتِ مِن العِتَادِ
وحُبٌّ للجماعةِ في ائتلافٍ *** هو النُّورُ الهُدَى لا في انْفِرادِ
فَزَرْعٌ بالتَّرَفُّقِ يا صديقي *** جليلُ النَّفْعِ في وقتِ الحَصادِ
كذا أحوالُنا فيما نُعاني *** فليس اليومُ يُغنِي عن مَعادِ!
****تم حذف الرابط ***