النافورة
فلسفة حياة

ذلك العمل الإبداعي الذي خلقه الإنسان دعما لقضية الجمال
هذه المنتصبة وسط رحلات المسافرين المتعبين ذهابا وأوبة واقفة كتمثال من الفتنة المقروءة المسموعة تتعلق بها العيون لتغتسل في مائها وتحاول قراءة بعض أسرارها مثلما أحاول الآن
وأتساءل:
هل هذه الموجات المتدافعة المندفعة إلى العلو هل هذا حقا قرارها واختيارها ؟! أم أنها وجدت نفسها في بيئة ومجتمع يخضع لقانون الدفع فاندفعت ؟!
وهذا سر نأبى الاعتراف به أمام كثير من عاداتنا ورغباتنا وقراراتنا حتى
فليست إلا استجابة لسلطة الفريق في أصلها ثم منحتها العاطفة ألفة وتعلقا ثم تواطأ معها العقل المبرر المحلل المركب ليمنحها رسوخا وعقائدية إلى حد القداسة أحيانا
وويل لقطرة الماء التي تخالف حكم النافورة فإلى التهميش على الأقل وبئس المصير
تنطلق رحلة النافورة جذع نخلة منطلقا صوب السماء لا يهمك من الجذع إلا شكله الواحد الذي يحمل الصورة لكن كل التركيز هناك على القمة وما حولها التي تمثل أعلى الشجرة فهناك المتنافس والصراعات ومحاولات دخول موسوعة جينس في أعلى المستويات
تلك المعارك والصراعات والنجاحات والإخفاقات هي ما تمثل الحياة في واقعها المكشوف فقبل القمة بقليل يظهر المتميزون إلى الإعلام والأضواء فتتابعهم العيون وتلاحق حركاتهم الصاعدة وهذا حال النافورة
لكن ما لا يعلمه المندفعون من أول رحلتهم إلى أعلى قمتهم هو تلك الهاوية التي حفرتها لهم الجاذبية بعمق يساوي تماما مقدار نجاحهم
وهذا جانب آخر من جوانب الحياة الجيل الأول وانحداراته
لكن هذا السقوط لا يكون سليما إلا إذا خرج من الميدان مع قفزته الأخيرة ونجاحه الأخير وإلا فإنه سيتصادم مع موهوب جديد وناجح متوقع وكثيرة هي معارك صراعات الأجيال فإما أن يسرق المنحدر اندفاعة الناجح القادم وحماسه ويمنحه سقوطه وهذا كثير في الواقع
فتعلق بعض الناجحين بالأضواء يعميهم عن دورة الزمن التي لا تعترف بما يسمى الخلود فيصنع من أكتاف من تحته مصاعد له بقدر ما يستطيع
لكن ثمة نوعا من اندفاعات النافورة يأتي كالسهم الذي لا توقفه ريح ولا حسد ولا صعوبة فيفرق المنحدرين ممن قبله إلى أشلاء ويرتفع
و تلك المعارك هي التي تصنع جمال النافورة وفورة حياتها
لكن هناك آثارا للانهيارات محبطة عندما تصطدم بأول الجذع و الخارجين في أول المشوار وهذه الحادثة تخرجهم فورا عن الطريق إلى السقوط الأسرع لأنهم رأوا بؤس النهاية فقالت لهم أنفسهم الأمارة بالسوء : إن كانت نهايتنا حتمية هكذا فمن أجل ماذا نتألم ونعاني ونرتفع مادامت النهاية السقوط !!
هؤلاء الألميون لا يعرفون معنى الحياة الحقة القائم على المدافعة بين الناس ولا يعرفون حلاوة النجاح التي لا تعدلها حلاوة عسل ولا غير العسل ولا تقف أمامها مرارة معاناة كانت أو ما تزال
كل تلك الأحداث والقصص حكتها النافورة لي بمعناها المطلق
وما زالت منتصبة في صالة المطار تمثال جمال يوشوش المكان والزمان والمسافرين بأحاديث هذه بعضها
على الركاب المتوجهين إلى أبها الرجاء التوجه إلى البوابة 37
الخميس
21/2/2008
7:50مساء
