قصيدة (( مهلاً يا طالب الدنيا ))
لأبي العتاهية
إسماعيل بن القاسم العيني -العنزي
المتوفى سنة 211 هــــــــ
رحمه الله تعالى
(( مهلاً يا طالب الدنيا ))

يَا طالبَ الدُّنيا يُثَقِّلُ نفْسَــــــــــــــــــــهُ *** إنَّ المُخِـفَّ غَداً لأحْسَنُ حــــــــــــــــــــالاً

إِنَّا لفي دارٍ نــــــــــــــــــرَى الإِكْثارَ لا *** يَبْقَى لصاحِبِهِ ولا الإِقْــــــــــــــــــــــــــلالا

أأخيّ ! إنَّ المالَ إنْ قَدَّمْتَــــــــــــــــــهُ *** لكَ لَيسَ إنْ خلَّفْتَهُ لك مـــــــــــــــــــــــالا

أأخيّ ! كُلُّ لا مَحَالَةَ زائـــــــــــــــــــــلٌ *** فَلِمَنْ نراكَ تُثمّرُ الأمْـــــــــــــــــــــــوالا

أأخيّ ! شأنكَ بالكَفافِ وَخلّ مـــــــــــن *** أثرى ونافَس في الحُطامِ وَغــــــــــــالى

كم من مُلوكٍ زالَ عنهُمْ ملكهــــــــــــمْ *** فكأنَّ ذاك المُلكَ كانَ خيَـــــــــــــــــــــالا

حتى متى تُمسي وتُصبحُ لاعِبــــــــــــاً *** تبغى البَقَاء وَتأمُلُ الآمَـــــــــــــــــــــــالا

وَلَقَدْ رَأيْتَ مساكناً مسلوبـــــــــــــــــةً ***سُكَّانُهَا وَمَصانِعاً وظِـــــــــــــــــــــــــــلالا

وَلَقَدْ رَأيْتَ مُسَلْطَناً ومُمَلَّكـــــــــــــــــاً *** وَمُفَوَّهاً قدْ قيل: قالَ ، وقـــــــــــــــــــــالا

وَلَقَدْ رَأيْتَ مَنِ استطاعَ بجُمعـــــــــــةٍ *** وَبَنَى فشيَّدَ قَصرَهُ وأطَــــــــــــــــــــــــــالا

وَلَقَدْ رَأيْتَ الدَّهرَ كيفَ يُبيدُهُـــــــــــــمْ *** شيباً ، وكيف يُبيدُهم أطْفــــــــــــــــــــــالاً

وَلَقَدْ رَأيْتَ المَوْتَ يُسرِعُ فيهــــــــــــم *** حَقّاً يَميناً مَرَّةً وشِمــــــــــــــــــــــــــــــالا

فَسَل الحَوادثَ لا أبا لَكَ عنهُـــــــــــــم *** وَسَلِ القُبُورَ وأحفهنّ سُــــــــــــــــــــؤالا

فَلَتُخْبِرنَّكَ أنَّهُمْ خُلِقوا لمــــــــــــــــــــا *** خُلِقوا له ، فمضوا له أرســــــــــــــــــالا

وَلَقَلّ ما تصْفو الحَياةُ لأهْلِهَــــــــــــــا ***حتى تُبَدَّل عَنْهُمُ أبْــــــــــــــــــــــــــــــــدالا

وَلَقَلَّ ما دامَ السّرُورُ لمعْشَـــــــــــــــرٍ*** وَلطَالما صالَ الزّمانُ وَغَـــــــــــــــــــــالا

وَلَقَلَّ ما ترْضى خِصالاً مـــــــــــنْ أخٍ *** آخيْتَهُ إِلاَّ سَخِطَتَ خِصَــــــــــــــــــــــــــالا

وَلَقَلّ ما تسخو بخيرٍ نفسُـــــــــــــــــهُ *** حتى يُقاتِلَهَا عليه قِتـــــــــــــــــــــــــــــالا

فإذا أردتَ الناسَ أن يتحمَّلُـــــــــــــوا *** للعارِ أنتَ فَكُنْ لها حمَّـــــــــــــــــــــــــالا

أأخيّ ! إِنَّ المرءَ حَيْثُ فِعالُـــــــــــــهُ *** فانظر لأحسنِ ما يَكُونُ فِعَـــــــــــــــــــالا

أقًصِرْ خُطَاكَ عن المطامِعِ عِفَّــــــــةً *** عَنْها فإنَّ لها صَفـــــــــــــــــــــــــــاً زلاَّلا

والمالُ أوْلَى باكْتِسابِكَ مُنْفَقـــــــــــــاً ***أو مُمْسَكاً إنْ كانَ ذَاكَ حَـــــــــــــــــــــلَالا

وإذا الحُتوفُ تواتَرت فاصْبِرْ لَهَــــــا *** أبَداً وإنْ كانَتْ عَلَيْكَ ثِقَـــــــــــــــــــــــــالا

فَكفَى بِمُلْتَمِسِ التّواضُعِ رِفْعَــــــــــةً *** وَكَفَى بِمُلْتَمِسِ العُلُوِّ سَفَـــــــــــــــــــــــالاَ

أأخيّ ! مَنْ عشق الرئاسَةَ خِفْـتُ أنْ *** يَطْغَى وَيُحْدِثَ بِدْعَةً وَضَـــــــــــــــــــــلالا

أأخيّ ! إِنَّ أمَامَنَا كُرَباً لهــــــــــــــــا *** شَعْبٌ وإنَّ أمامَنا أهْـــــــــــــــــــــــــــوَالا

أأخيّ ! إنَّ الدَّارَ مُدْبِــــــــــــــرَةٌ وإنْ *** كُنَّا نَرَى إدْبَارَها إِقْبَــــــــــــــــــــــــــــــالاَ

أأخيّ ! لا تجعلْ عليكَ لِطَالِـــــــــــــبٍ *** يَتَتَبَّعُ العَثَراتِ مِنْكَ مَقَــــــــــــــــــــــــــالاَ

فالمَرْءُ مَطْلُوبٌ بِمُهْجَةِ نَفْسِــــــــــــهِ *** طَلَباً يُصَرِّفُ حَالَهُ أحْـــــــــــــــــــــــوَالا

والمَرْءُ لا يَرْضَى بشُغْلٍ واحِــــــــــــدٍ *** حتى يُوَلّد شُغلُهُ أشْغـــــــــــــــــــــــــــالاَ

وَلَرُبَّ ذِي لغوٍ لَهُنَّ حَــــــــــــــــــلاوَةً *** سَيَعُدْنَ يوماً ما عليه وبـــــــــــــــــــــالا

وأرَى التَّواصُلَ في الحَياة فـــــلا تَدَعْ *** لِأخِيكَ جهْدك ما حَيِيتَ وِصَـــــــــــــــــالاَ

أأخيّ ! إِنَّ الخلْقَ في طَبَقَاتِــــــــــــــهِ *** يُمسي ويُصبِحُ لِلإِلَهِ عِيَـــــــــــــــــــــالاَ

والله أكْرَمُ مَنْ رَجَوْتَ نَوَالَـــــــــــــــهُ *** والله أعْظَمُ مَنْ يُنِيلُ نَـــــــــــــــــــــــــوَالاَ

مَلِكٌ تَواضَعَتِ المُلُوكُ لِعِــــــــــــــــزِّهِ *** وَجَلَالِهِ سُبحانهُ وَتَعَــــــــــــــــــــــــــــالى

لا شيءَ مِنْهُ أدَقُّ لُطفِ إِحَاطَـــــــــــةٍ *** بالعالمين ولا أجَلَّ جَــــــــــــــــــــــــــلَالَا