ملامح مدرسة المستقبل في الوطن العربي

الخلل الحقيقي في خطط التنمية والتحديث أدى إلى العجز التعليمي الراهن

جدة: محمد المنقري
صدر في السعودية كتاب جديد بعنوان «مدرسة المستقبل» اعداد الدكتور عبد العزيز الحر ضمن اصدارات مكتب التربية العربي لدول الخليج العربي. يتضمن الكتاب أربعة فصول تبحث في الصورة المثلى للمدرسة المستقبلية التي تستجيب لمتغيرات الحياة الراهنة ومتطلبات سوق العمل، والثورة المعلوماتية، وتقانة المعرفة في ثورتها ومهاراتها. وتشير المقدمة الى ما تمثله الألفية الثالثة من أهمية خاصة في حياة الأمم الحية التي تتوقف أمام ذاتها وتحلل نقاط القوة ومواطن الضعف، وتحدد فرص التطوير وخياراته لتعمل على تعزيز الايجابيات وتلافي السلبيات. الفصل الأول يحمل عنوان «التربية والمستقبل» وفيه يتناول ملامح المستقبل والتربية القائمة على المعلوماتية التي تعد المحدد الرئيس الجديد لتوازنات القوة في النظام العالمي والعامل الحاسم فيه. ويرى الباحث أن امداد الطلبة، في أي مكان من العالم بأكبر قدر من المعلومات في أقصر وقت، لا تعادل أهميته، مهما بلغت، أهمية تعليمهم استعمال تلك المعلومات استعمالاً فعالاً ومفيداً، وأن يكونوا قادرين على الاستجابة النقدية والمبدعة لها. ويركز الباحث على مجموعة من الخطوط الاستراتيجية في تربية المستقبل منها الارتباط العضوي بمتغيرات النظام الاقليمي والعربي والدولي، وبناء جذع أساسي واحد يمر فيه كافة الطلبة في مراحل تكوينهم الأولى «قبل أن تتفرع الشجرة التعليمية الى فروع وأغصان وفق قدرات الطلبة واختياراتهم» مع التركيز في العملية التربوية على «تعليم كيفية التعلم» بدلاً من التلقين، والانتقال الى تنمية القدرات الذهنية العليا في عمليات التمثيل والتركيب في معالجة البيانات. لكن مستقبل التربية تحيط به مجموعة من التحديات الخارجية والداخلية. وتتمثل الأولى في التشكيل المستقبلي للمنطقة بعد تكوّن أحادية قطبية مهيمنة على العالم، ثم التحدي الثقافي والفكري والقيمي المتمثل في ثقافة العولمة التي تعني فقدان الخصوصية الحضارية والثقافية، والانصهار في بوتقة عالمية واحدة، حسب رأي الكاتب. ومن التحديات الداخلية، ما يسميه الكاتب تحدي الديمقراطية، وتحدي تكريس العقل المنتج بدلاً من المستهلك، ثم التحدي، ويتمثل التحدي الاقتصادي مع انخفاض أسعار النفط والغاز الأمر الذي يقلل من حجم استثمار الدولة، ويدفعها نحو الخصخصة. ويستبعد الباحث مقدرة الجهات التعليمية أو غيرها على النهوض بدورها ما لم تكن لديها رؤية واضحة مستندة الى خطط قومية شاملة. ويقرر الباحث أن الخلل الحقيقي في خطط التنمية والتحديث أدى الى العجز التعليمي الراهن. وفي الفصل الثاني يتحدث الباحث عن خصائص المدرسة الفاعلة والتعليم النوعي، باعتباره الأداة الفاعلة التي نستطيع أن نستخدمها سلاحاً للتعايش مع القرن الجديد بثورته المعرفية وانقلابه التكنولوجي. وتتآخى في عملية البحث عن المدرسة الفاعلة مجموعة من الخصائص من بينها القيادة المحترفة، الرؤية والأهداف المشتركة، البيئة التعليمية الايجابية، التركيز على التعلم والتعليم، التعزيز الايجابي، متابعة الأداء والنمو، تحديد حقوق الطلبة وواجباتهم. وللحديث عن أنموذج الاصلاح التربوي يفرد الباحث الفصل الثالث الذي يركز فيه على ضرورة الدعم السياسي للمؤسسة التربوية بحيث يصبح التعليم قضية قومية ومطلباً حضارياً، وكذلك الدعم المادي، والذي يجب أن يتناسب مع رؤية الدولة والدور المتوقع من التعليم. واذا كان الدعم المادي متذبذباً خاضعاً لسياسات التقشف، فلا يمكن أن نتوقع من التعليم أكثر مما نراه اليوم في معظم الدول العربية والنامية.
* اعداد: الدكتور عبد العزيز الحر

* الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج العربي