النوع الأول: الظلم الأكبر، وهو: الشرك بالله، وهو الذي لا أمن معه ولا هداية.
النوع الثاني: ظلم العبد للناس وللعباد، وهذا ظلم عظيم
وهو الذي يقول الله تبارك وتعالى عنه، في الحديث القدسي: {يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا } ويقول عنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الظلم ظلمات يوم القيامة } فظلم الإنسان للإنسان مرتبته تقع بعد الظلم الأكبر.
النوع الثالث: أن يظلم العبد نفسه بالذنوب والمعاصي.
وأما من شاب توحيده وإخلاصه وإيمانه بالشرك الأكبر، فليس له أمن ولا اهتداء، وأما من خلط إيمانه بظلم للعباد، أو بظلم لنفسه بالذنوب والمعاصي، فهذا حاله كما قد بينا في الظالم لنفسه.
فلما أشكل عليهم المراد بالظلم، وظنوا أن ظلم النفس داخل فيه، وأن من ظلم نفسه -أيَّ ظلم كان- لم يكن آمناً ولا مهتدياً.
فأجابهم صلوات الله وسلامه عليه: بأن الظلم الرافع للأمن والهداية على الإطلاق هو الشرك.
وهذا -والله- هو الجواب الذي يشفي العليل ويروي الغليل، فإن الظلم المطلق التام هو الشرك، الذي هو وضع العبادة في غير موضعها، والأمن والهدى المطلق: هما الأمن في الدنيا والآخرة، والهدى إلى الصراط المستقيم. فالظلم المطلق التام، رافع للأمن وللهدى المطلق التام، ولا يمنع ذلك أن يكون مطلق الظلم مانعاً من مطلق الأمن ومطلق الهدى فتأمله، فالمطلق للمطلق، والحصَّة للحصة. انتهى ملخصاً '
وأقول: هذا مثل ما تقدم، فقوله: المطلق للمطلق، أي الذي سلم مطلقاً من الشرك والذنوب، له الأمن المطلق، والحصَّة بالحصَّة، أي بقدر ما يكون الظلم يكون النقص في الأمن والاهتداء.
لا حول ولا قوة إلا بالله