عمارة بن أبي الحسن علي بن زيدان الحكمي
(515هـ ـ569هـ )
ولد بمرطان من وادي وساع الواقعة
قرب وادي بيش الذي يمر اليوم بمدينة بيش الشهيرة بمنطقة جازان.
كان عمارة شاعرا مطيقا بليغا فصيحا، لا يلحق شأوه في هذا الشأن، وله ديوان شعر مشهور وقد ذكر في (طبقات الشافعية) لأنه كان يشتغل بمذهب الشافعي، وله مصنف في الفرائض، وكتاب(الوزراء الفاطميين)، وكتاب جمع سيرة نفيسة التي كان يعتقدها عوام مصر، وقد كان أديبا فاضلا فقيها، غير أنه كان ينسب إلى موالاة الفاطميين، وله فيهم وفي وزرائهم وأمرائهم مدائح كثيرة جدا.
يقول في مدح الوزير الفاطمي الصالح طلائع بن رزيك:
هل القـلب إلا مقلة تتقلب
له خاطراً يرضى مراراً ويغضب
أم النفس وهذه مطـمئنة تـ
فيض شعاب الهمّ منها وتنضب
فلا تلزمن الناس غير طباعهم
فتتعب من طول العتاب ويتعبوا
فإنك إن كـاشفتهم ربما انجلى
رمادهم عن جمرةٍ تتلــهب
فتاركهم ما تركــوك فإنهم
إلى الشر مذ كانوا من الخير أقرب
ولا تغترر منهم بحسن بشـاشةٍ
فأكثر إيمــاض البوارق خلب
وكتب إلى صديق له بعد أن زاره ولم يجده:
يا سيداً سـاحة أبــوابه
لكل من لاذ بـــها قبلة
قد استبت الطرس في لثمة
كفك واستــودعته قبلة
فامدد إليه راحة لم يزل
معروفها يخجل من قبلة
وفاته أو مقتله :
وسبب قتله أنه اجتمع جماعة من رؤس الدولة الفاطمية الذين كانوا فيها حكاما فاتفقوا بينهم أن يردوا الدولة الفاطمية، فكتبوا إلى الفرنج يستدعونهم إليهم، وعينوا خليفة من الفاطميين، ووزيرا وأمراء، وذلك في غيبة السلطان ببلاد الكرك، ثم اتفق مجيئه فحرض عمارة اليمني شمس الدولة توران شاه على المسير إلى اليمن ليضعف بذلك الجيش عن مقاومة الفرنج، إذا قدموا لنصرة الفاطميين.
فخرج توران شاه ولم يخرج معه عمارة، بل أقام بالقاهرة يفيض في هذا الحديث، ويداخل المتكلمين فيه ويصافيهم، وكان من أكابر الدعاة إليه والمحرضين عليه، وقد أدخلوا معهم فيه بعض من ينسب إلى صلاح الدين، وذلك من قلة عقولهم وتعجيل دمارهم، فخانهم أحوج ما كانوا إليه وهو الشيخ زين الدين علي بن نجا الواعظ، فإنه أخبر السلطان بما تمالؤا وتعاقدوا عليه، فأطلق له السلطان أموالا جزيلة، وأفاض عليه حللا جميلة.
ثم استدعاهم السلطان واحدا واحدا فقررهم فأقروا بذلك، فاعتقلهم ثم استفتى الفقهاء في أمرهم فأفتوه بقتلهم، ثم عند ذلك أمر بقتل رؤسهم وأعيانهم، دون أتباعهم وغلمانهم، وأمر بنفي من بقي من جيش العبيدين إلى أقصى البلاد، وأفرد ذرية العاضد وأهل بيته في دار، فلا يصل إليه إصلاح ولا إفساد، وأجرى عليهم ما يليق بهم من الأرزاق والثياب.
وكان عمارة معاديا للقاضي الفاضل، فلما حضر عمارة بين يدي السلطان قام القاضي الفاضل إلى السلطان ليشفع فيه عنده فتوهم عمارة أنه يتكلم فيه، فقال: يا مولانا السلطان لا تسمع منه.
فغضب الفاضل وخرج من القصر، فقال له السلطان: إنه إنما كان يشفع فيك، فندم ندما عظيما.
ولما ذهب به ليصلب مر بدار الفاضل فطلبه فتغيب عنه فأنشد:
عبد الرحيم قد احتجب
إنّ الخلاص هو العجب
.
.