أبو الحسن علي بن محمد التهامي
ولد في إمارة سليمان بن طرف الحكمي
وقدر مولده أنه ربما كان في عام351هـ .
نشأ أبو الحسن التهامي في تهامة . كان في بداية حياته كما يقول الباخرزي في كتابه "دمية القصر": من السوقة، ولي خطابة الرملة، ثم انقطع إلى بني الجراح يمتدحهم، ويستضيء بهم ويقتدحهم، وكانت له همة في معالي الأمور تسول له رئاسة الجمهور، فقصد مصر واستدل على أموالها، وملك أزمة أعمالها، ثم أنه غدر به بعض أصحابه ومعه كتب من حسان بن مفرج الطائي إلى بني قرة، فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي سنة 416هـ، ثم قتل سراً في سجنه في تاسع جمادى الأول من السنة المذكورة".
للنقاد القدماء آراء عديدة تدل جميعها على براعته في الشعر وجودة المعاني التي أتى بها,
ومن جملة هذه الآراء قول ابن بسام الأندلسي في كتابه الذخيرة:
" كان مشتهر الإحسان، ذرب اللسان، مخلياً بينه وبين ضروب البيان، يدل شعره على فوز القدح ، ودلالة برد النسيم على الصبح...".
.
تعد رائيته التي رثى بها ولده من عيون الشعر العربي،
والتي نال بها شهرته العريقة،
وهي التي يقول فيها:
حكم المنية في البرية جــــــاري
ماهذه الدنـــــــيا بدار قرار
بينا يرى الإنـــسان فيها مـــخبراً
حتى يرى خبراً من الأخبار
ومكلـــف الأيـــام ضـد طبــــاعها
متطلب في المـاء جذوة نار
طبعت على كـــدرٍ وأنت تريـــدها
صفواً من الأقــذاء والأكدار
فاقـــضوا مأربكم عجالاً إنـــــــما
أعماركم ســـفر من الأسفار
وتراكضـــوا خيل الشباب وبادروا
أن تسترد فإنـــــهن عواري
فالــــعيش نوم والمــــنية يقــــظةٌ
والمرء بين خيال ســـاري
ليس الزمان وإن حرصت مسالماً
خلق الزمان عداوة الأحرار
إلى أن يقول في رثاء والده أبي الفضل :
يا كوكبــــــــاً ما كان أقصر عمره
وكذا تكون كواكب الأسحار
وهلال أيام مضى لم يستدر
بدراًولم يمهل لوقت سرار
عجل الخسوف عليه قبل أوانه
فمحاه قبل مظنة الإبدار
فكأن قلبي قبره وكأنه
في طيه سر من الأسرار
إن يحتقر صغرا فرب مفخم
يبدو ضئيل الشخص للنظار
إن الكواكب في علو محلها
لترى صغارا وهي غير صغار