رغم آلاف الأميال التي تفصلهم عن الوطن الأم، لم يتخل أفراد الجالية التركية في فرنسا عن أي من عاداتهم الرمضانية وبقوا في صمت متشبثين بجميع خصوصياتها الدينية والاجتماعية، ويرجعون ذلك إلى اعتيادهم على التأقلم مع الأنظمة العلمانية.
وقال "حيدر دميريرك" الأمين العام للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، رئيس "لجنة تنسيقية مسلمي تركيا" في تصريحات لإسلام أون لاين.نت: إن أتراك فرنسا "جاءوا بكل خصوصياتهم الدينية واللغوية والاجتماعية وإن كنا نلحظ هذا في الأيام العادية فإنه يبرز أكثر في شهر رمضان".
ومن أبرز سمات تشبث الأتراك بخصوصياتهم أنهم شديدو التمسك بلغتهم التركية في فرنسا. ففي شهر رمضان تطبع جميع إمساكياتهم باللغة التركية بخلاف إمساكيات المغاربة -مثلا- التي تستعمل فيها اللغتان العربية والفرنسية. كما يطبع الأتراك جميع إعلاناتهم الدينية باللغة التركية أيضا.
مسجد الفاتح
اللغة التركية حاضرة
وتظهر اللغة التركية في حي "ستراسبوج سانت ديني" كسمة مميزة لمطاعم "الكباب الحلال" المنتشرة في شارع "فيبور دي سانت ديني" بالعاصمة والمشهور بصبغته التركية الخالصة.
وقال ياسين -29 سنة- الذي يعمل في أحد هذه المحلات: "أشعر في هذا الشارع أنني في أحد شوارع حي إكساراي في إستانبول، حيث لا تسمع إلا اللغة التركية".
وحول بقاء محال الكباب مفتوحة في نهار شهر رمضان، قال ياسين: "يحدث هذا في تركيا أيضا، فغالبية المحال مفتوحة في شهر رمضان غير أنها عادة ما تكون مهجورة مثلما هو حالنا في باريس".
وبالقرب من البوابة الرئيسة لمسجد "الفاتح" (نسبة للسلطان العثماني محمد الفاتح) في باريس التابع لجمعية "ميلي قروش"، وأمام مطعم "إستانبول" في حي "ستراسبوج سانت ديني" يتجمع أفراد من الجالية شبابا وكهولا لقضاء اللحظات الأخيرة قبيل الإفطار.
كما يتزايد شعور الزائر بأنه في أرض تركية عندما تطأ قدمه المقر الرئيسي لـ"لجنة تنسيقية مسلمي تركيا" بساحة "لا ناسيون" (الوطن) في الدائرة الحادية عشرة من باريس.
فأول ما يلفت الانتباه في مقر اللجنة هو وجود علم تركي كبير بمدخل المقر المكون من طابقين، الطابق الأول مخصص للمسجد والثاني يحتوي على مكاتب المنظمة.
وتشرف "لجنة تنسيقية مسلمي تركيا" في فرنسا التي تأسست عام 2001 على حوالي 200 مسجد وجمعية تركية، وتعتبر الممثل الرسمي لمسلمي تركيا مع السلطات الفرنسية.
كما تعتبر المنظمة ذاتها الممثل الرسمي للجالية التركية في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (الممثل الرسمي لمسلمي فرنسا)، حيث يمثلها 4 نواب من جملة 63 نائبا في مجلس إدارة المجلس الفرنسي للديانة.
إقبال على الصلاة
ويقول دميريرك رئيس "لجنة تنسيقية مسلمي تركيا" لإسلام أون لاين.نت: إن مسجد المقر "يشهد إقبالا كبيرا من المصلين القادمين لأداء صلاة التراويح مثلما هو الحال في جميع مساجد باريس، مع فارق وحيد هو أننا نستعمل التركية في الدرس الذي يسبق التراويح مثلما هو الحال في كل صلاة جمعة لدينا".
في الوقت نفسه يشهد مقر منظمة "ميلي قروش" التي تضم بدورها 50 جمعية ومسجدا حيث يقوم المسئولون فيها بتوزيع كتيبات دينية باللغة التركية أيضا.
أما بالنسبة للمواد الغذائية والأطعمة الرمضانية بالذات فلا توجد أكلة رمضانية خاصة بالأتراك جميعا، نظرا لانحدارهم من أنحاء متفرقة من تركيا وليس من منطقة واحدة.
ويقول دميريرك: "لكل عائلة تقريبا عاداتها الغذائية.. فمثلا الأتراك الذين قدموا من شمال تركيا يقبلون على تناول الأسماك بكثافة بالنظر إلى أنهم قدموا من مناطق محاذية للبحر الأسود في تركيا. أما الأتراك الذين ينحدرون من شرق تركيا فيستهلكون بصفة مميزة زيت الزيتون في أطباقهم".
ويضيف "أن الشيء الوحيد الذي يوحد الأتراك في فرنسا هو أنهم يفطرون على التمر".
ستراسبوج سانت ديني