اللمْسة الحانِيَة
أرأيتم
كيف تُـقْبِلْ ( قَطَرَاتُ المَطَرَ )
في لهف
فتفجع بزجاج النافذة ..
وهو وقف سدا منيعا
مبددا أمل اللقاء
بـ(مثل هذا) .. (اشتقت) لكم
و بمثل ( الزجاج ) كان ( المرض )
عن اللمسة الحانية
سيكون حديثنا هذا اليوم
يظل ( المرض ) فرصة (مغلفة بالألم )
تذكرنا بالحقيقة الخالدة
{وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا}
وأحيانا ..
يتحول المرض إلى ( نِعمَةٌ مُهْدَاة )
لا تجد أمامها
إلا أن تردد برضا
{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا }
نعم يا أحباب
قد نتعلم قليلا في الانتصار
غير أننا نتعلم كثيرا في الانكسار
و سأظل مدينة لذلك ( العارض الصحي )
الذي دهمني طوال الفترة الماضية
حيث أنه و برغم شدة (الألم الجسدي)
إلا أنني شعرت للحظة
أنني أصبحت
( أكثر إشراقا )
كنت إذا ما ( اشتد التعب )
بدأت أردد لا حول ولاقوة إلا بالله
وأتذكر أعجوبة ( إيليا أبو ماضي ) :
إني إذا نزل البلاء بصاحبي
دافعت عنه بناجذي و بمخلبي
و شددت ساعِدَهُ الضعيف بساعدي
و سترت منكبه العري بمنكبي .
وصاحبي هنا
هو ( قلبي )
فقد عودته .. و اعتدت أنا
أنه إذا ما تخطفني الألم ..
و استبد به النبض ..
و جافاني النوم ..
وأنهكه التعب ..
تحسسته برفق وقلت :
{ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا }
ليأتي ذلك الوعد الحق
من الإله الحق :
{فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ }
لقد كنت أشعر بحق .. أن قلبي حينها يبتسم
وفي مرحلة ( الضعف البدني ) هذه
يزداد يقيني بحاجة الإنسان
إلى مصدر قوة ( ثابت )
لا تغيره ظروف ..
و لا تحركه ملمات ..
و لم أجد أقرب و لا أكبر و لا أقوى
من القوي سبحانه ـ
{ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً }
و برغم ( الانتكاسات الصحية) المتكررة
إلا أني لم أكن لأسمح لنفسي
بالالتجاء لشخص
أياً كان
بل و لا مجرد التفكير في ذلك
و كنت أ حدِث نفسي :
أن ( قلوبنا الصغيرة ) قد أثقلتها (الجراح )
ولا حاجة لها (إلى مزيد)
و ( أرواحنا المحلقة ) قد شلَّها ( الوهن )
وهي أيضا ..
ليست بحاجة لمزيد
و لئن يبقى المرض ( يغتال ) الجسد
خيرٌ لنا
من أن ينال (الخذلان ) من الروح
و يردي ( القلب) قتيلا
حسنا ..
لست أزعم استغنائي التام
عن تلك العلاقات البشرية الفطرية الدافئة ..
بل إن عنوان هذا المقال
( اللمسة الحانية )
هو اعتراف مني
للأثر المسكن المدهش
لتلك الكلمات الحانية
بل قل
(اللمسات الحااااانية )
التي خففت كثيرا
عن القلب المُتعب المكدود
فقد كانت كل كلمة
كـ ( يد حانية ) تربت على قلبي
و تزيده تماسكا
غير أن ماأعنيه
هو ماحدثنا به جبران خليل جبران حيث يقول:
زرعت (أوجاعي ) في (حقل من التجلد ) فأنبتت ( أفراحا)
نعم
هو ( التجلد )
حسنا هل أطلت
قلنا :
أن ( المرض ) نعمة
و ها نحن نقول :
( الهمسات الحانية )
نعمة أخرى
اقرأ بقلبك
{... وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا ...}
حسنا سأعيد و أقرأ بقلبك
{وَحَنَانًا }
هكذا يعدد الله سبحانه نعمه المتوالية على يحيى ـ عليه السلام ـ
لتكون {وَحَنَانًا } أحدها
يقول ابن كثير : ( أي وجعلناه ذا حنان )
و يسترسل بسحر و عذوبة
( و الحنان : هو المحبة في شفقة و ميل )
يا أحباب ..
تلك الهمسات الحانية
هي هبه
وهبنا الله إياها
لنهديها لمن حولنا
لا خوف من فقر هنا
فلنكن كرماء بها ..
دمتم بعفو و مغفرة
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ..أستغفرك و أتوب إليك
ما وافق الحق من قولي فخذوه .. و ما جانبه بلا تردد اجتنبوه
للكاتبة : هند عامر