:
الأصوات تتعالى ..!
والأمطار تنهمر ..!
والرؤيه تغيب وتغيب ..!
مع ذلك كان يمشي رجلٌ قصير في أوساط ذلك المطر ويداه في جيبيه ..!
لايسرع في خطاه ولا يبطء ..!
أسرعت .. ومعي مظلتي ..!
حينما وازيته ..! ألتصقت به ..!
قلت له ..! مطرٌ غزيز ورياحٌ عاصفه ..!
الا تشعر بالبرد .."!
نظر إلي في غطرسه وغرور .."!
ولكنه عاد ليحدق في ذلك الوحل الذي كان يعاني من ضرب المطر العنيف ..!
قلت له .." الناس هنا لايمشون في المطر دون مظله ..!
ولكني أعشق المطر ..! " كنت مسترسلاً ..!
وأحيانا أهم برمي هذه المظله بعيداً كي أعيش حقيقة الغيث..!
إزداد غضبه ..!
وتوقف عن المشي ..!
لكنه تنهد بقوه ومن ثم عاود السير ..!
شعرت بخوفٍ شديد حين توقفه ..!
:
لدقائق معدوده لم أبوح بكلمه ..!"
لكن فضولي دفعني مرةً أخرى .."!
وقلت له ..!
إلى أين تذهب ..؟! فأنا أسير معك من غير وجهه .!
توقف ثانيةً ..!
لم يغضب ولم يحملق في وجهي كما فعلها في المره الأولى .."!
:
في الغالب أصادف الحمقى ..!
وفي أغلب مواقفي أتغافل عنهم ..!
قلت له ..! أتقصدني ..!
قال لاعليك .." فالمغفل رجلٌ سقيم .."!
حركت رأسي ..! وتنهدت ..!
قلت له .." إذا كنت أنا أحمق كما تقول فمن تكون أنت ..!
قال أحمقٌ بالطبع ..!
قلت له .." تشرفنا .."!
تبسم وقال .." لم أتخيل يوماً أنا أرى رجلاً بهذه الوقاحة..!
دفعني بقوه ..!
كانت دفعة قويه لم يحتمل جسدي النحيل بئس تلك الدفعه..!
فرحلت مع الريح تحمنلي قطرات المطر ..!
هويت على الأرض وطارت مظلتي بعيداً ..!
قال لي وهو يبتسم تبسم الماكر ..!
أريد أن أقتلك ..!
قالها بوضوح ..!
هزت كياني ..!
بدأت بالزحف وبدأ هو بالإقتراب ..!
لكن رصيف الطريق أعاق زحفي إلى الخلف ..!
فحاولت أن أدفع نفسي كي أرتفع فوق حافته ..!
لكنه كان يعلو الطريق قليلاً ولم أستطع ..!
أخرج سكيناً وهوى به ..!
رأيت بريق الخنجر يعبث بقطرات المطر شاقاً طريقه نحو جسدي ..!
هوى السكين وأخترق جسدي المتهالك..!
حينما شعر بأن السكين قد وصل لأبعد نقطة في جوفي وتمكن من خلق الألم ..!
نزعه دون رحمه ..!
كان الألم رهيباً ..!
وبدأت الأرض بداور ..!
أظلم الفضاء ..! وضاقت علي فسحة المكان ..!
شعرت أني أحتضر وشعرت أن روحي قد أنتُزعت من جسدي ..!
لم أشعر بعدها بشيء ..!
أستيقظت قرابة الفجر..!
ومازال المطر يهطل والجرح يدمي ..!
كان الألم قد تضاعف ..!
أستغربت مظلتي مازالت هناك ..!
والسكين بجانبي ..!
والسكون يغشى تلك الدائره المظلمه ..!
شعرت بالأسى ..!
لماذا دفعت بنفسي للهلاك ..!
رجلٌ غريب سلمته جسدي كي يمزقه دون حراك مني ..!
توسدت الماء والتحفته ..!
وتشبثت بذلك الرصيف أملاً أن يرحمني الماره ..!
فنظرت وإذا بالماء قد تحول دماً ..!
شعرت بالهلع لأن دمي قد تناثر وجرى دون توقف ..!
فجأه طفله وأمها يعبران ..!
تحميهم مظلةٌ زرقاء ..!
أشارت بيدها نحوي وقالت " أمي رجلٌ يموت .."!
قالت دعيه يدفع ثمن حماقته ..!
وغابتا عن ناظري ..!
نظرت إلى ذلك السكين ..!
وزحفت نحوه بصعوبه ..!
أخيراً أمسكت به بشده ..!
رفعته ...!
ولكني سقطت مجدداً ودخلت في غيبوبه آخرى ..!
صحوت .. وجدت نفسي في فراشٍ أبيض ..!
يحيط به سربٌ من أطباء الحياه .."!
شعرت بالأمان ..!
سألتهم .." هل سأحيا ..! أم سأموت ..!
قال لاتخف .." فأنت بخير .."!
قلت لهم لآبد أن أحيا كي أنتقم .."!
تعجب الطيب ..!
تنتقم ممن ..!؟ نظر إلى بقية زملاءه في تعجب وعاد النظر إلي ..!
قلت له ممن كاد أن يقتلني ..!
قال يارجل ..!
أنت سقطت من الطابق الرابع ..!
وأخذوك الماره إلى هنا ..!
تحسست بطني ..!
فوجدته معافى ..!
صرخت .. بقوه ..!
عصرت بطني فوجدته فعلاً لم يعرف الوخز ..!
ماذا حدث ..!
كل مافي الأمر قتلت نفسي ..!
وقتلني ذلك الرجل المُغيب ..!
لآأحد يدري حقيقة الأمر ..!
كُتب في الجرائد في ذلك الصباح .." شابٌ ينجو بعد محاولته للإنتحار .."!
ذلك الشاب .." لايدري ماذا حدث ولا يدري عماذا يتحدثون .."!
أغمض عينينه خشية أن يأتي إليه أحد ويسأله لماذا قتلت نفسك ..!
انتهى ..!
:
:
يحيى فقيهي
![]()