دخلت الأم غرفة فارس الطالب بالصف الثالث الابتدائي بعد أن عاد من المدرسة فوجدت على وجهه علامات الحزن
والضيق.
_: ليش متضايق يا فارس؟!!
_لأن زميلي ياسر راح جازان ولعب في الملاهي ويقول فيه ألعاب حلوة وكثيرة مثل اللي في التلفزيون ثم سألها وهو
يكاد يبكي
- ليش بابا ما يودينا الملاهي ؟
- أبوك ما عنده سيارة يا فارس والأمل فيك بعد الله تكبر وتتوظف وتجيب لنا سيارة ونروح المكان اللي نحبه.
سمعت جدته كلامه فقالت يا فارس أبغى أسوي لك لعبة حلوة
- أيش ؟
- مدريهة ( مرجيحة) وذهبت وعلقت حبل من طرفيه في أعلى شجرة بجوار بيتها ووضعت في وسط الحبل مخدة
حيث جلس فارس وأصبح يتأرجح في الهواء الطلق وهو فرح بذلك وفي الغد أخبر زملاءه بذلك لتصبح المدريهة
تسليتهم المفضلة خاصة وأن معظمهم قبل ثلاثين سنة لا يملك آباؤهم سيارات.
بعد أربعة أشهر
سمع الطلاب من معلميهم بأن البلدية سوف تنشئ حديقة كبيرة في هذه القرية وسوف تكون متنفساً لأهل هذه
القرية الواقعة غرب محافظة أحد المسارحة والقرى المجاورة إلى جانب احتوائها على أنواع متعددة من الألعاب
والملاهي والمسطحات الخضراء لتجلس عليها العائلات للترويح عن أنفسهم .
انتشر الخبر السعيد بسرعة خاصة أن المدرسة تضم مرحلتين ابتدائية ومتوسطة ويدرس بالمتوسطة طلاب أربع قرى
مجاورة.
عاد فارس فرحاً ونادى أمي
يقول الأستاذ اليوم العصر راح يفتتحون الحديقة وأبغى أروح مع أصحابي نلعب فيها .
نادته جدته ضاحكة: ومدريهة جدتك؟
_ ما أبغاها قديمة قطعي حبالها... ثم ولى هارباً وهو يضحك بعد أن قامت بمطاردته.
بعد العصر
طلب أحمد الطالب بالصف الأول المتوسط والذي يسكن بقرية أخرى من والده أن يحضرا افتتاح الحديقة فلبى طلبه
فهو من القلائل الذين يملكون سيارة وعند ذهابهما دخلا من شرق القرية بحثاً عن الحديقة حتى وصلا وسط القرية
فوجدا فارس وأباه.
_ أين حديقة القرية؟؟
_ سمعت أنها شرق القرية على نفس الطريق الذي أتيت منه
_ لعلنا لم ننتبه لها
ثم ركب فارس وأبوه معهما
كان فارس في طريقه للحديقة المرتقبة تسبقه خيالاته السعيدة لتلك الألعاب التي حتماً تشبه ما
يراه في التلفزيون.
وصلت السيارة وقد سبقهم الكثير من أطفال القرية وكبارها وكان فارس يجول بنظره باحثاً عن الألعاب وفي هذه
الأثناء سمع بعض الصيحات المحتجة والساخطة فأحدهم يقول: ميزانية الحديقة ثلاثة مليون ريال وآخر يقول : بل
سمعنا إنها خمسة مليون وثالث يحلف إنها لم تكلف حتى ثلاثة آلاف ورابع يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.
لم يهتم فارس بما سمع وسأل أباه:
_ بابا وين الألعاب؟!!
_ يا بني الحق مدريهة جدتك قبل ما تقطعها!!!!
وهذه صورة للحديقة المليونية
![]()