شكر الله عز وجل على نعمه من ثلاثة أوجه :
1: الشكر بالقلب
ويكون بمحبة المنعم عز وجل والانقياد له بالطاعة اقرارا وعرفانا بنعمه لأن الشكر مبني على خمس قواعد:
1: خضوع الشاكر للمشكور له 2:وحبه له 3: واعترافه بنعمته 4: وثناوه عليه بها 5: وألا يستعملها فيما يكره .
وفي الحديث أن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال : (أربع من أعطيهن فقد أعطي خيري الدنيا والأخرة ) ــ وذكر منها ــ: ( وقلب شاكر ) .
2: الشكر بالسان
ويكون بالاعتراف بنعمة الله ، واللهج بذكره وحمده ، والتحدث بهذه النعم ، لقوله عز وجل : " وأما بنعمة ربك فحدث " وكما في حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من اُعطي عطاء فوجد فليجز به ، ومن لم يجد فليتن ، فإن من أثنى فقد شكر ، ومن كتم فقد كفر ، ومن تحلى بما لم يعطه كان كلابس ثوبي زور " وقد ذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أقسام الخلق الثلاثة :
1: الشاكر للنعمة المثني بها عليه.
2: الجاحد لها والكاتم لها .
3: المظهر أنه من أهلها ، وليس من أهلها ، فهو محكل بما لم يعط .
وفي أثر مرفوع : ( والتحدث بنعمة الله عز وجل شكر )
فتلخص مما سبق أن التحدث بالنعم نوع من أنواع الشكر ، ومندوب إليه ، ولكن في غير مخلية ولا افتخار ولا تكبر لأن الكبر يحبط العمل عياذا بالله .
3: الشكر بالجوارح :
كعمل اليدين والرجلين والسمع والبصر ، فشكر نعمة المال ــ مثلا ــ يكون بلانفاق في سبيل الله لأن الشكر ليس باللسان فقط ، بل إذا استخدمت هذه الجوارح في طاعة الله ، كان ذلك شكرا لله تعالى ، وقد وصف الله عز وجل العمل بأنه شكر فقال تعالى : " اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور" سبأ 13
والشكَّار لربه هو المعترف بنعمه ، راضٍ عن الله وراض عنه الله وفي هذا المعنى قال بعض السلف: ( تمام الشكر بثلاثة أشياء :
أولها : إذا أعطاك الله شيئا ، فلتنظر من الذي أعطاك ، فتحمده عليه .
والثاني : أن ترضى بما أعطاك .
الثالث : ما دامت منفعة ذلك الشيء معك ، وقوته في جسدك فلا تعصه ) أ. هـ
وإذا نظرنا إلى هذه النعم ، وجدنا أن التقصير فيها كثير ، فما أكثر الذين ينعمون بنعم الله ، وهم غافلون عن أوامره ، وما أكثر الذين ينعمون ويتمرغون في نعم الله وهم واقعون في معصيته .
والشكر بالجوارح على نوعين :
أ : وجودي : وهو استخدامها في طاعة الله عز وجل .
ب: عدمي : وهو عدم استخدامها في معصية الله .
فالسمع والبصر ــ مثلا ــ من أعظم النعم ، وشكرها يتحقق باستخدامها فيما يرضي الله ، فلا تنظر ولا تسمع إلى محرم الله ، فإن فعلت فقد اختل شكرك لله وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " وفي هذا دليل على أن من أظهر النعمة في جوارحه ونشرها فقد شكرها ، ومن كتم النعمة فقد كفرها .
والخلاصة :
أن الشكر لا يكون شكرا حقا إلا باجتماع هذه الأسس ( اللسان ، القلب ، الجوارح )ومن تخلف عنهأحدها فقد نافى أصل الشكر ، أو كماله الواجب ، والناس يتفاوتون في الشكر بتفاوت امتثالهم في هذه المراتب ، ولذلك قيل : أن الشكر على وجهين ( عام وخاص )
1: الشكر العام : هو الحمد باللسان ، وأن يعترف بأن النعمة من الله تعالى .
2: الشكر الخاض : وهو الحمد باللسان والمعرفة بالقلب والخدمة بالأركان ، وحفظ اللسان وسائر الجوارح عما لا يخل .
وفي الختام نسأل الله أن ينفع به .