(( المعاصي سبب هلاك العبد في الدنيا والآخره ))
ومن عقوبتها : أنها تستجلب مواد هلاك العبد في دنياه وآخرته فإن الذنوب هي أمراض متى إستحكمت قَتلَتْ ولا بُد ، وكما إن البدن لا يكون صحيحاً إلا بغذاءٍ يحفظ قوَّتَهُ وإستفراغ المواد الفاسدة والأخلاط الرديئة التي متى غلبت عليه أفسدَتْهُ ، وحميةٍ يمتنع بها من تناول ما يؤذيه ويخشى ضررَه ، فكذلك القلب لاتتم حياته إلاَّ بغذاءٍ من الإيمان والأعمال الصالحة تحفظ قوته ، وإستفراغ بالتوبة النصوح يستفرغ بها المواد الفاسدة والأخلاط الرديئة منه ، وحمية توجب له حفظ الصحة وتجنب
ما يضادُّها ، وهي عبارة عن ترك إستعمال مايضاد الصحة .
والتقوى : إسمٌ متناول لهذه الأمور الثلاثة ، فما فات منها ، فات من التقوى بقَدْرِه .
وإذا تبين هذا فالذنوب مضادة لهذه الأمور الثلاثة ، فإنها تستجلب المواد المؤذية ، وتوجب التخليط المضاد للحمية ، وتمنع الإستفراغ بالتوبةِ النصوح .
فأنظر إلى بدنٍ عليل تراكمت عليه الأخلاط الرديئة ومواد المرض ، وهو لا يستفرغها ، ولايحتمي لها ،
كيف تكون صحته وبقاؤه ؟ ولقد أحسن القائل :
جسمــــــــــك بالحمية حَصَّنْتَهُ........مخـــــــــافةً من ألم طــــــاري
وكان أولى بك أن تحتمي......من المعاصي خشية النارِ
فمن حفظ القوَّةَ بإمتثال الأوامر ، وإستعمل الحميةَ بإجتناب النواهي ، وإستفرغ التخليطَ بالتوبة النصوح، لم يدع للخير مطلباً ، ولا من الشر مهرباً ، والله المستعان .