لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: علمتني الوفاء

العرض المتطور

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية طيفور
    تاريخ التسجيل
    02 2005
    الدولة
    المملكة العربية السعوديه
    العمر
    43
    المشاركات
    538

    علمتني الوفاء

    علمتني الوفاء
    ذهبت إلى المقهى لكي أخرج من جو المدينة ، ومن هموم الدنيا ، وأعطي عقلي مجالا بأن يرتاح ، ويأخذ قسطا من التغيير مع أصدقائي ، وعند وصولي إلى المقهى ، وجدت الصديق والأنيس هشام ينتظرني في نفس المكان الذي تعودت فيه أن أجلس معه ، فسلمت عليه ،
    حينها نادى هشام المضيف
    فقال : تعال بكوبين من الشاي
    وعلى الفور اتجه المضيف للبهو
    فبدأ هشام يحدثني عن كل ما حصل له بالأمس من طرائف ، و مواقف محرجة حصلت له ، وكيف تعامل معها ، وأنا في غاية الاستمتاع لحديثه
    حينها جاء المضيف بالكوبين ،
    وهشام مازال مستمرا في حديثه ، فأخذت كوبي ، وأعطيته كوبه دون أن أقاطعه حتى انتهى من حديثه
    فقال : وأنت يا أبا أحمد أخبرني ماذا حصل لك بالأمس ؟
    فقلت :
    ذهبت أنا وزوجتي وولدي في إجازة نهاية الأسبوع إلى المهرجان للاستمتاع بفعالياته ، و في الحقيقة وجدنا أنفسنا في حديقة غنّاء مليئة بالورود ،
    وكل وردة تتباهى ببديع شكلها وجاذبية حسنها،
    وفي أثناء تجوالي لفت نظر ولدي بائع الفراخ الملونة،
    فبكى لكي يرغمني على الشراء
    ، وأنا شارد البال
    فعيني تلاحق الجميلات
    وتتبع كل حركة منهن ،
    و كم كنت أتمنى بأنّ زوجتي لو تغفل عني لحظة
    حتى أجد الفرصة لأختلس بنظرة من إحداهن ، وأبرز مدى إعجابي بها في حديث العيون ،
    فإذا بصراخ ولدي يزداد ، فحن قلب أمه عليه ،
    وقالت : اشتري لإبننا الوحيد هذا الفرخ ولا تحرمه منه ،
    حينها تضجرت ، و أخفيت غضبي في ملامح وجهي، حتى لا أكشف أمامها ،
    وتسألني لماذا أنت غاضب ؟
    وماذا أقول لها وهي قد أفسدت علي الجو الذي كنت أعيشه ،
    فخفت أن تشير إليّ بالبخل ، أو يقع تفكيرها على توزيع نظراتي للفاتنات الحسان،
    وتفسر شرود ذهني ، فتحل المصيبة علي ، فتداركت الموضوع بخبث وحنكة
    وقلت :
    لن اشتري فرخا واحدا بل اثنين ، وسأشتري معهما قفصا حتى لا يفتك بهم ، ونهتم بهم ونرعاهم ،
    فسرت عندما سمعت قولي هذا ،
    وبالفعل اشتريت قفصا فيه فرخان ، لونهما وردي وأصفر ،
    وعند وصولنا للبيت ، وضعت القفص في أحدى الغرف بجانب النافذة ، كي يصل النور إليهم ولا يحرمون من نعمته .
    والفرخين بأصوات شقشقتهما تسحر لها الأذان ، حتى أن ولدي يصحو من النوم على نغمات ذلك الصوت فيقول مباشرة : دو دو يقصدهما ،
    وحقا أن وجودهما قد أعطى الإضافة الرائعة في البيت ، لا سيما أن زوجتي أعطت جلّ اهتمامها للاعتناء وتوفير الجو المناسب لهما ،
    والأجمل أنها تذكرني بحديث الرسول
    صلى الله عليه وسلم : ( في كل كبد رطب أجر )
    فتمر الأيام ، ونحن في غاية الاستمتاع بلعبهما ،
    حيث أن الفرخ الأصفر دائما ما يمازح الفرخ الوردي ، وكأن بينهما رسائل غزل
    ليتناسى عزلتهما، وسجنهما في القفص،
    وفي يوم من الأيام داهم المرض الفرخ الوردي ،
    فنحل جسده ولم يستطع الوقوف ، وانهارت قواه ، فجلس يشتكي من المرض بصوته الهزيل لصديقه ورفيق دربه ،
    إلا والصديق يقترب منه ويصيح بأعلى صوته
    هل من منقذ له ؟ هل من دواء له ؟
    وللأسف فلا حياة لمن تنادي ، فلقد كنا في خارج البيت ،
    ولم نأتي إلا والفرخ الوردي يلفظ أنفاسه الأخيرة ،
    والفرخ الأصفر بجانبه لم يبرح من مكانه ،
    ينظر إليه في حزن
    وألم و لحظات الصمت قد رسمت ظلامها عليه ،
    وما هي إلا دقائق ، إلا والفرخ الوردي تنطبق عيناه ،
    ليرحل من هذه الدنيا ، تحت أنظار عيني صديقه وحبيبه ،
    فبكى بكاءا لا نفهمه ، و وقف وقفة حداد وعزاء
    امتدت لساعات حتى جاءت زوجتي ،
    فأخذته لترميه من القفص ، حينها ذهب الفرخ الأصفر إلى زاوية من زوايا القفص ، ليرثي موت
    صديقه ، ويتذكر كل الذكريات التي جمعت بينهما ، فذرفت دموعه عليه،
    وكأن لسان حاله كما يقول الشاعر :
    لئن سترتك بطون اللحود فوجدي بعدك لا يستتر
    حين ذلك امتنع الفرخ الأصفر من الأكل والشرب ،
    وبدأ شبح الموت يتسلل إليه
    وهو يتوق إلى مرافقة صديقه ،
    في عالم الأرواح والرحيل من هذه الدنيا ،
    فلا حياة تطيب له ، ولا طيف سعادة ترنو له ، وصديقه قد رحل عنه ،
    و ما هي إلا دقائق إلا والفرخ الأصفر يلحق بصديقه ، ويرحل من هذه الدنيا ،
    حينها جئت لإخراجه من القفص ،
    والحزن قد اخترق قلبي ، وتسلل إلى عيني ،
    فجاشت نفسي بالبكاء ، مما تبلل ريشه بدموعي
    وأنا في حالة يرثى لها ،
    عند ذلك بدأت أتمالك من نفسي ، لأترجم ما بداخلي من حزن وأسى وحرقة على عدم احترام مشاعر زوجتي ،
    والنظر إلى غيرها ،
    وأقول له : لقد علمتني درسا في الوفاء لن أنساه .

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: علمتني الوفاء

    رائع اخي بارك الله فيك وجزاك الله خير



    احترامي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية طيفور
    تاريخ التسجيل
    02 2005
    الدولة
    المملكة العربية السعوديه
    العمر
    43
    المشاركات
    538

    رد: علمتني الوفاء

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد معافا مشاهدة المشاركة
    رائع اخي بارك الله فيك وجزاك الله خير



    احترامي

    الأديب المبدع

    الأستاذ

    خالد معافا


    ياهلا فيكم الله يحييكم

    بالحب والمودة حنا نحييكم


    لك أرق تحية وأنداها في عالم الخلود الروحي

    لك باقات الورد

    على جمال الرد

    وروائع الزهور

    على رقي الحضور

    ودمت بود

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •