التدريب التعليمي في جازان .. إلى أين ؟
لا يمكن لأحد أيا كان أن يتجاهل الدور الكبير الذي يقوم به التدريب أو الجهات المعنية به في أي منشأة أو جهة في تطوير أداء منسوبيها والعاملين فيها وما يترتب على ذلك من تحقيق لمقاييس الجودة حتى في أقل صورها وبالتالي التأثير الإيجابي في الإنتاجية . وبالمقابل فإن أي قصور في هذا المجال سينعكس سلباً . وسيكون من المحزن والمكلف حقاً عندما توجد الجهة أو القسم التدريبي وتتضاءل وتتقزم لدرجة ملحوظة في القيام بما يتوجب عليها تخطيطاً وإعداداً وتنفيذاً وبالتالي الحصول على مخرجات لا تواكب التطلعات التي وضعتها وزارة التربية والتعليم من وراء إنشاء الإدارة العامة للتدريب والابتعاث والمراكز التي تمثلها في الإدارات التعليمية بتفريعاتها التي تتمطى حسب الحاجة والطلب .
ولكن ما يحدث في إدارتي التدريب والابتعاث في تعليم جازان بقسميه للبنين والبنات يضع أكثر من علامة استفهام حول الدور الذي يقومان به في تأهيل وتدريب الكوادر سواء في الأساليب الانتقائية للتدريب المطلوب أوالنوعية التي تتناثر هناك وهناك في تخبط غريب لا يتناسب والسمعة التي يحظى بها من يقود هذه الإدارات التدريبية بمراكزها وفروعها التي لا زالت عينها تساوي يديها في القصر خصوصاً في تعليم البنات ، وإذا كنا نقدر الثقة التي منحت لهما من مديري التعليم في كليهما فإن هذا لا يبرر الانتاجية الهزيلة والمنح المزاجية في منح البرامج وحبس المستحق منها في الإدراج حتى يمضي تاريخ صلاحيتها بزعم أن التأخر هو من قبل الإدارة العامة في الوزارة . وليسمح لي القارئ الكريم أن أشير إلى بعض أهم العوامل القصورية المشتركة في الجانبين ومنها : أن مدير ومديرة الإدارتين ليست لديهما خطط حقيقية تتلمس الواقع في ظل محسوبية عالية وتفرد كبير في التكاليف المالية لهما وحصولهما على نصيب الأسد من برامج تدريبية يفترض أن يعم خيرها أو تذهب للعاملين في الميدان ممن يقدمون رسالة حقيقة تستفيد منها شرائح مستحقة ، فمثلاًً نجد التذرع الدائم من قبل الإدارتين بضعف الموارد المالية المرافقة للبرامج التدريبية عموماً ولكم أن تتخيلوا أن البرامج التدريبية المسائية للمعلمين تتم دون حتى بوفيه صغير في أضيق الحالات يخلو غالباً من الماء والشاي ويعتمد في تغطية هذا النقص على ( فزعات) المتدربين وسخائهم ، أليس غريباً أن ينفذ برنامج تدريبي يحصل المشرف المتابع فيه على مبلغ قد لا يقل عن 1500 ريال ناهيك عن مثلها للمنفذين وربما أعلى منها لمدير إدارة التدريب والابتعاث في المنطقة الذي يكلف نفسه في 99,99% من البرامج المسائية وفي كل برنامج في مصاريف وانتدابات مالية . وينفذ البرنامج لمدة ثلاث ساعات يومية مثلاً دون حتى توفير ملزمة أو حقيبة تدريبية أو حتى مصاريف شرب الماء !!!!
وفي تعليم البنات مثلاً تتمثل النمذجة الراقية من مديرة التدريب في انشغالها الدائم بدراسة الماجستير وتعاني من بذلها لقدرة خارقة في التوفيق بين عملها التدريبي ودراستها العليا وهي في كل ذلك تنحصر إنجازاتها التدريبية في مركزين أو ثلاثة على الأكثر تبقى طوال العام في غيبوبة عسلية وتتعامل بـ (فوقية منبوذة ) مع كل رسائل الاستعداد للعمل في المراكز التدريبية أو تنفيذ البرامج من قبل معلمات في المدارس تمتلك بعضهن مالا تمتلكه من قدرات تدريبية وتعامل وتفهم .وهي التي يفترض بها في احتلالها لمنصب كمنصبها الحالي أن تكون أكثر حضوراً ، وأوسع بالاً ، وأكثر تفهماً ، وأحرص على استقطاب المواهب وصاحبات القدرات والاستعداد ، ويمكنها بسهولة أن تطبق بعض التقنيات التي حصلت من خلال البرامج التدريبية الكثيرة التي تستأثر بالحصول عليها - كأول اسم في قائمة الترشيح دوماً - في التعامل مع الآخرين وتطوير العمل الذي يفيض بانعدام الثقة بينها وبين ممثلات التدريب في القطاعات الأخرى .ونفس الكلام يسحب بكل جدارة على العلاقة بين مدير إدارة التدريب والابتعاث في المنطقة بالنسبة لتعليم البنين .
إن ما يحدث الآن في إدارتي التدريب والابتعاث في التعليم في جازان لا يخدم التدريب كقضية وكأداة فعالة لتطوير العمل وتأهيل الكوادر العاملة في آلية يفترض بها رفع مقاييس الجودة الشاملة في الأداء فالصلات بين الإدارتين ومراكز ومؤسسات التدريب المحترمة شبه معدومة وغالباً ما تنقطع بسبب المساومات والاشتراطات الغريبة لمدير ومديرة الإدارة نفسها بينما نجد مثلاً راقياً في بقية الإدارات التعليمية الأخرى في جدة والرياض مثلاً حيث تقوم تلك الإدارات بشراء برامج تدريبية راقية لموظفيها أو حتى طلب تفصيلها بدقة متناهية ، أما في جازان فالأمر يختلف ولا يمكنكم أن تتخيلوا إلى أي مدى سينعكس على حرمان شرائح مهمة في ترقية قدراتها الإنتاجية . وهذا يتمثل بصورة أقوى في تأخر تعاميم البرامج للمعلمين والمشرفين وقصر البرامج المهمة في قطاعات تدريبية قوية كمعهد الإدارة العامة على فئات معينة ومحسوبية قوية ولا يصل للمستحقين سوى الفتات ، كما أن طغيان التكاليف المالية الشخصية وفيضان تذاكر الإركاب الحكومية لأقل حاجة ومتطلب ليثير علامات استفهام كبيرة . أنا أدرك أنني سأواجه بالنفي والقيام بتحوير الحقيقة لكن هناك وسائل عديدة تعرفها الجهات المشرفة على هذه الإدارات للتأكد من ذلك .
نحن نطالب فقط أن نحصل على بعض الفتات الجيد من البرامج أو تلتحف البرامج التدريبية بكواملها المهمة وأن تتاح الفرص للجميع ولو حسب الأولوية وأن يتكرم مدير ومديرة الإدارتين المذكورتين بالتطوع أو التبرع على الأصح ولو فترة معينة بإتاحة الفرص الحقيقية لبعض الذين لا تربطهم بهم صلات جيدة ولكنهم يعملون في الميدان بفعالية يفتقدها الكثيرون .. إن رسالة التدريب كأداة تطوير يجب ألا تُحصر في المفهوم الضيق الذي تُدار به إدارتي التدريب في تعليم جازان بشقيه للبنين والبنات وبالمهارة العالية في المحسوبية وربط الفرص بجودة العلاقات الشخصية وهي مهارتين سلبيتين بحق .إنني أطالبه وأطالبها فقط بمقارنة ما يمكن أن يسمى إنجازات لهما – إن وجدت بالمعنى الحقيقي - ومقارنته بالفترة الزمنية التي نفذت فيها وهل تستحق الإنتاجية الهزيلة ما صرفته الوزارة وأتاحته لهما وماحصلا عليه من ثقة من مديري التعليم ، وهل يتواكب ذلك مع الأخذ بالأساليب الحديثة للتدريب وفهم الاحتياجات الحقيقية للمتدربين وهل عملت استبانه على الأقل خلال كل السنوات الماضية لحصر الاحتياجات التدريبية للمتدربين والمتدربات .. ولا زلنا في كل ماتقدمه هاتين الإدارتين من برامج تدريبية تقليدية عتيقة وهزيلة نتصفح نفس الوجوه التي تدرب نفس المادة من قرون عديدة وكلهم يدركون أن الحضور فقط لأجل الشهادات المعتمدة .