[size=4]د/ عوض القرني ...من نحن أولاً؟
----------------------------------------------------------
نحن في أشد الحاجة إلى أن نحدد ابتداءً مَنْ نحن لكي نستطيع بعد ذلك أن نحدد مَنْ هو الآخر
د. عوض بن محمد القرني
لقد ابتدأ الحوار الوطني بمبادرة من خادم الحرمين يوم أن كان ولياً للعهد وتباينت في حينها مواقف الناس في جدواه وجديته (أي جدوى الحوار الوطني وجديته) ما بين متحمس ومتردد ومجرب ومنتظر ورافض لكن مسيرة الحوار في لقاءاته المتتابعة أثبتت قدرا كبيرا من النجاح وحركت المياه الراكدة وجمعت الفرقاء المختلفين وسلطت الأضواء بصراحة ولأول مرة على العديد من القضايا الشائكة واكتشف خلال هذه المسيرة كثير من المواهب والطاقات وغير ذلك من الإنجازات وما كان ذلك ليتم إلا بتوفيق الله سبحانه وتعالى أولا ثم بالرعاية والدعم من القيادة العليا وبالذات من خادم الحرمين ثم نوعية الرجال الذين يشرفون على الحوار ويقودون مسيرته وكذلك تميز الجهاز التنفيذي المبدع الذي يقود ويرتب وينظم العملية الحوارية ونحن الآن على مشارف اللقاء الخامس وقد تم التحضير له بصورة متميزة أحاول أن أضع بين يدي القائمين على الحوار والمشاركين فيه والمتابعين له والمهتمين به العديد من التساؤلات والأفكار في موضوع الحوار في هذه المرة وهو (نحن والآخر) إسهاما مني في الترشيد وتطوير التجربة ومحاولة للمساعدة في نجاحها :أولاً:الاعلام:
وبادئ ذي بدء أحب أن أنبه على قضية من أهم القضايا وهي دور الإعلام في مسيرة الحوار الوطني فمع الأسف الشديد من خلال متابعة الإعلام وما ينشر فيه ومعرفة ما يدور في لقاءات الحوار الوطني نجد أن بعض وسائل الإعلام تقلب الحقائق وتغير الوقائع وتختلق ما لم يوجد وتسلط الضوء على ما تريد وتتجاهل ما لا يعجبها من الأقوال والأفكار والمفترض في الإعلام أن يكون صادقاً وأن يكون حيادياً وأن يكون دقيقاً في نقله لما يقول ونحن نفترض أن الإعلام في هذه البلاد يمثل هذه البلاد بتوجهها العام ومجتمعها وما يقوم عليه من عقيدة وشريعة وقيم وأخلاق وأن لا يعبر عن بعض التوجهات الأيدلوجية الخاصة التي قد تكون بالغة الشذوذ بل هي مجهرية في مجتمعنا ثم من خلال تسلط بعض أصحاب هذه التوجهات على بعض وسائل الإعلام يمتلكها أو يتخيل أنه يمتلكها وأنها تعبر عن ذاته فقط فمثلاً في أحد الملتقيات الفرعية في أثناء التحضير لهذا الملتقى الخامس رأينا صحيفة تنسب لأحد الملتقيات في الصفحة الأولى وبالمانشيت الرئيسي فيها قولاً لم يقل به المشاركون في الملتقى ولم يصدر في البيان ولم يصدر في التوصيات إنما كان مقولة لأحد المشاركين أو المتداخلين ضمن أكثر من مائة مداخلة في الملتقى ورد عليه اثنان بعده في الملتقى وانتهت المقولة عند هذا الحد ثم تلتقط تلك الصحيفة هذه المقولة وتنسبها للملتقى وكل من فيه وبالخط العريض وحقيقة لا يعلم الإنسان أي مبرر على الإطلاق لمثل هذا الفعل ولا يجد تفسيراً له .ثانياً: (العنوان) :عنوان الملتقى (نحن والآخر) هذا العنوان يشي بقضيتين هي أننا نحن شيء و الآخر شيء آخر وبالتالي فالملتقى يبحث في العلاقة بين هذين الشيئين اللذين يتميز كل منهما عن الآخر وبالتالي فنحن في أشد الحاجة إلى أن نحدد ابتداء من نحن لكي نستطيع بعد ذلك أن نحدد من هو الآخر ثم نستطيع بعد ذلك أن نبحث في العلاقة بين نحن والآخر وظني أن تحديدنا لنحن يستدعي منا أن نتحدث عن معالم هويتنا التي يمكن أن نقول انها خصوصيتنا والتي من خلالها تتحدد معالم الـ (نحن) وبعد ذلك نستطيع أن نبحث في كيفية الحوا ر والعلاقة قبولاً أو رفضاً بيننا وبين الآخر وبالتالي فمعالم هويتنا من وجهة نظري تتلخص في الآتي: ] منهج - أمة - وطن - تاريخ - لغة.[فالمنهج: يشكل مرجعية عقدية تحدد للإنسان رؤيته للكون والحياة ورسالة الإنسان فيهما والعلاقة بين عالم الغيب وعالم الشهادة ونظاماً تشريعياً يشرع للإنسان جوانب حياته المختلفة القضائية والسياسية والاقتصادية والتنظيمية وقيماً أخلاقية وسلوكية واجتماعية في قضايا الفرد والأسرة ودوائر المجتمع المختلفة وطبيعة العلاقات بينها ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ....( والأمة والشعب يشكل المظهر العملي والفعل الحضاري والممارسة الحيّة المتطورة لهذا المنهج في جميع جوانب الحياة المختلفة ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ( ، ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله (والوطن: هو المحضن والوعاء والظرف المكاني الذي على ثراه تعيش الأمة ويطبق المنهج فالانتماء له فطري في النفوس والحفاظ عليه والدفاع عنه وحبه من دلائل الإيمان وقد أوجب الله على الأمة الدفاع عن كل شبر من ديار الإسلام بالمهج والأموال وقلب دار الإسلام هو هذا الوطن والعجب من بعض المتخرصين الذين يقولون إن الدين لا مكان فيه للوطن !والتاريخ والتجربة: هو رصيد تفاعل الأمة مع المنهج على ثرى الوطن عبر الأزمان فهو ذاكرة الأمة المعنوية وشريان ترابط أجيالها وتراكم خبراتها وتعمق جذورها لتشمخ فروعها ويتواصل عطاؤها وتاريخنا الإسلامي إذا قيس بغيره تاريخٌ مشرقٌ مليء بالمكارم والإنجازات ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب (.واللغة والثقافة: هي الإعلان والتعبير عن كل ذلك وهي اللافتة والشعار الذي من خلاله يتم الإفصاح عن هويتنا وتقديمها لأجيالنا جيل بعد جيل وتقديمه للعالم وبيان محاسنها وتميزها وخصائصها.
ولهذه الهوية سمات وأهداف مشتركة مع غيرها من هويات الأمم ولها خصائص وأهداف تتميز وتختص بها عن غيرها وليس المقام مقام تفصيلها واستعراضها فنحن أمة لا تطلب منا هويتنا ولن يمكننا ذلك أن نعيش بمعزل عن العالم.
ونحن أمةٌ لا تسمح لنا هويتنا بالذوبان في الآخر والانسلاخ من خصوصيتنا وإن زعم بعض المشككين الجهلة أنه لا يوجد لنا خصوصية ولا هوية !!!
إذاً هذا هو الأمر الثاني (نحن والآخر والهوية ) .
ثالثاً------------يتبع--------------------------------->