المفتي العام : عار على الطالب المسلم أن يجتاز العام في عامين والمرحلة في مرحلتين ويهمل العلم النافع
عار على الطالب المسلم أن يجتاز العام في عامين والمرحلة في مرحلتين ويهمل العلم النافع ويستكين للراحة
دور رجال التعليم استئصال الأفكار الخاطئة من عقول الأبناء
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء
دعا سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الطلاب والطالبات والقائمين على العملية التعليمية من مدرسين ومدرسات ورجال إدارة على كافة المستويات التعليمية إلى الاهتمام بالعلم، والأخذ بالأسباب في تحصيل العلم.
وقال إن ديننا يدعو إلى العلم والجد والمثابرة وأن العلم نعمة من نعم الله يهبها لمن يشاء من عباده، وأن العلم شرف لأهله ورفعة لهم في الدنيا والآخرة، وحذر سماحة المفتي من الدعوات التي تدعو إلى تثبيط الهمم والكسل وصرف الأبناء والفتيات عن التعلم، وإهدار الأوقات وطالب المعلمين والمعلمات ليقوموا بدورهم في التصدي للأفكار الخاطئة التي تدعو إلى الغلو والتطرف أو للجفاء والانحلال، وتوضيح الطريق الشرعي الصحيح لأبنائنا وبناتنا والأخذ بأيديهم ورفع مستواهم العلمي.
وقال: على القائمين على العملية التعليمية أن يكونوا قدوة للطلاب والطالبات. ونفى سماحته أن يكون العلم الشرعي وتحصيله معوقاً أمام التقدم والنمو والازدهار، وأكد على أهمية العلم الشرعي، وعدم الخلط في الأوراق والزعم بأن العلم الشرعي عثرة أمام التقدم، وحذر من الادعاءات بأن العلم يجب أن يقتصر على سوق العمل وقال هذه ادعاءات مغرضة هدفها النيل من العلم الشرعي وصرف الناس عنه.
جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها سماحته في الجامع الكبير بقصر الحكم بمدينة الرياض أمس، والتي خصصها للحديث عن بدء العام الدراسي وواجب الأبناء والمعلمين والمعلمات في النهوض بالعملية التعليمية، وحاجة الأمة إلى العلم ووجه سماحته عدة نصائح إلى جميع الطلاب والطالبات ومن يقومون على العملية التعليمية، وحاجة الأمة إلى العلم، ووجه سماحته عدة نصائح إلى جميع الطلاب والطالبات ومن يقومون على العملية التعليمية في جميع المراحل الدراسية من معلمين وأساتذة ومديرين ومديرات.
العلم نعمة
وقال سماحته في بداية الخطبة أن العلم نعمة من نعم الله يهبها لمن يشاء من عباده يقول سبحانه وتعالى (قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ويقول سبحانه (عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، وأن العلم يدعو إلى خشية الله ومخافته (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) وهو شرف لأهله ورفعتهم في الدنيا والآخرة (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) أو فرق بين العالم والجاهل، وأنهم ليسوا سواء، قال تعالى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله طريقه إلى الجنة).
عام خير ونعمة
وأضاف سماحته: إن السبت - اليوم - الموافق 26 من رجب 1425هـ يبدأ العام الدراسي الجديد، ويتوجه أبناؤنا وبناتنا إلى مدارسهم ومعاهدهم وجامعاتهم، في مختلف المراحل التعليمية، الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي، ونرجو الله عز وجل أن يكون هذا العام عام خير ونعمة على الأمة بأسرها، وهنا أُذكر الأبناء والبنات من أبنائنا وبناتنا بهذه النعمة التي أنعم الله علينا، ويسر لهم طريق الحصول على العلم، والجهود المبذولة لراحتهم لتحصيل العلم، وتوفير كافة المستلزمات لهم، لقد شرع الله لهم السبل وتوفرت لهم كل الوسائل والأدوات لتحصيل العلم، وهذه نعمة عظيمة من نعم الله علينا جميعاً، لقد كان آباؤهم يشدون الرحال إلى أماكن بعيدة لتحصيل العلم، وهاهم أبناؤنا يحصلون على العلم دون مشقة أو سفر أو ترحال، وينعمون بالأمن والاستقرار، فعلينا أن نحفظ هذه النعمة ونتوجه بالشكر لله.
الجد والاجتهاد
وأضاف أن على أبنائنا وبناتنا الجد والاجتهاد في تحصيل العلم والتزود به وعليهم أن يحذروا الكسل والخمول والتسكع في الطرقات وإضاعة الأوقات، والفرص النافعة، فعار على الشاب المسلم والفتاة المسلمة إضاعة وقتهم وجهدهم في الأشياء التي لا تفيد، واستهلاك أوقاتهم فيما لا ينفع، وعار على الشباب والشابات أن يمضوا مراحل التعليم دون تحصيل، وأن يحصل الشاب أو الفتاة على المرحلة في مرحلتين، وأن يجتاز كل عام في عامين، بكسل وخمول، فهناك فئات من الناس يثبطون أبناءنا ويدعونهم للذهاب إلى هنا أو هناك، ثم يأتون للمدرسة فارغي الذهن والمعرفة فعار على الشاب المسلم ذلك، وهو مؤهل فكريا للعلم، ولكن الخمول يخيم على البعض، ويريدون صرف أبنائنا عن تحصيل العلوم والتفوق واجتياز المراحل التعليمية بجد واجتهاد. فعلى الجميع أن يستقبلوا العام الدراسي بكل نشاط ومثابرة، فالأمة في أمس الحاجة إلى أبناء وبنات لديهم العلم النافع لبناء الأمة، فالأُمم تقاس بتفشي العلم النافع بين أبنائها.
أمانة .. ومسؤولية
ودعا سماحته رجال التعليم بتحمل الأمانة الملقاة على عواتقهم، فالمعلم والمعلمة كل منهم مسؤول أمام الله عز وجل عن الأمانة التي اؤتمن عليها من أبنائنا وبناتنا، فالمعلم مؤتمن على فلذات أكبادنا، وعلى إعدادهم ليكونوا نواة البناء الصالحة في المجتمع، وعلى هذا الجيل الجديد، جيل المستقبل، فعلى كل معلم أن يعرف مسؤوليته ويستحضر واجبه ويوقن أنه مسؤول أمام الله عن هذه الأمانة، وأن يحملها بحق، لا يحملها بكسل وخمول ويكون قد خان الأمانة.
وأضاف سماحته: إن الطالب أو الطالبة يراقب كل منهما سلوك المعلم وتصرفاته وأقواله، فإن كان المعلم أو المعلمة القدوة الصالحة في الجد والاجتهاد والسلوك القويم كان قدوة لتلاميذه، ولذا على رجال التعليم أن يكونوا هم القدوة لأبنائنا وبناتنا في السلوك والتصرفات والأقوال والأفعال، وأن يكونوا ملتزمين بشرع الله، ولا يتلفظون إلا بالخير، ولا يفعلون إلا الشيء النافع، وأن يكون مظهرهم إسلامياً، وأقوالهم طيبة، لتربية الأجيال تربية صالحة، تغرس فيهم النافع والمفيد، أما السباب واللعان والأقوال الفاحشة والبذيئة فهي لا تغرس إلا السلوكيات السيئة في الأبناء. وعلى رجال التعليم الأمانة العلمية والجد والاجتهاد والحفاظ على الأوقات واستثمارها في المفيد، وأن يكونوا حقاً قدوة في الانضباط داخل المدرسة وخارجها، ليقوموا بواجبهم في التربية الإسلامية. وطالب سماحته المعلمات أن يكنَّ قدوة للفتيات، ومثالاً للانضباط في المظهر والقول والفعل والحشمة والجد والاجتهاد والمثابرة.
الأفكار الضارة
وقال سماحة المفتي إن الأمة اليوم تعصف بها الأفكار السيئة، التي يقف وراءها أعداء الإسلام فيشنون الحملات الإعلامية المسيئة للإسلام والمسلمين، والتي تهدف إلى تفريق الأمة، والفت في عضدها، والنيل منها، وعلى رجال العلم من معلمين ومعلمات أن يساهموا في تخليص الأمة من هذه الدعوات المضللة التي تتراوح ما بين الغلو المشين،والفكر المنحرف، سواء كان ذلك في الغلو المذموم أو الجفاء المرفوض، وعلى المعلمين والمعلمات وأهل العلم أن يتصدوا لهذه الأفكار الضارة، ويبينوا للطلاب والطالبات الطريق الصحيح. فقد يتعرض أبناؤنا وبناتنا لمشاهدة بعض الفضائيات التي تحمل في طياتها الإلحاد في السلوكيات والعقيدة، وتحاول أن تشكك الأمة في ثوابتها، وتعرض الابتذال والخلاعة والفجور، وواجب رجال التعليم هنا أن يتصدوا لهذه الأفكار أو السلوكيات التي قد يتأثر بها بعض الطلاب، ويبينوا لهم الصحيح.
وكذلك قد يسافر بعض الأبناء إلى الخارج فيشاهدون أُموراً عجيبة وغريبة على ديننا ومجتمعاتنا، وقد يتأثرون بهذه الأفكار والأمور الضارة ويحاولون نشرها والتحدث بها إلى زملائهم، ولذا على رجال التعليم استئصال الأفكار الخاطئة من عقول الأبناء، بأن يبينوا لهم الفكر الصحيح، وقد يكون لدى بعض الطلاب أفكار تأثروا بها ويريدون تبادلها مع زملائهم من خلال أشرطة أو مقالات بها انحرافات فكرية وعقدية، ولذا لابد من توضيح الطريق الصحيح لهؤلاء وبيان خطر هذه الانحرافات.
الثورات الإعلامية
وأضاف سماحة مفتي عام المملكة: أن الانفتاح الخطير في أجهزة الاتصال، والثورات الإعلامية لا يستطيع أحد وقفها، إلا بالفكر السليم، والعقيدة الصالحة، لابد من التصدي للقنوات الفضائية الضارة، التي تنقل كل بلاء، وتحاول تصدير الأخلاق والسلوكيات الهابطة، وهذا يتطلب جهوداً جبارة من رجال التعليم ورجال التربية، لأن الأمة في حاجة إلى الفكر الصحيح والفهم الصحيح، والفكر الضار والمنحرف لا يعالج إلا بالفكر الصحيح الناضج. ودور المعلم في التصدي لهذه الأفكار الضارة جهاد في سبيل الله، يبصر النشء، ويربي الأجيال، ويواجه الانحراف، وينشر العلم النافع، ويتصدى للأخلاق والسلوكيات الفاسدة.
فالمعلم عليه الدور الكبير في أن يصلح النشء ويعرفهم الطريق الصحيح، والالتزام الشرعي وأن يعاونه في هذا الدور الكبير الآباء والأمهات، الذين لابد وأن يكونوا عوناً للمعلم والمربي على أداء دوره في حماية الأجيال، ويحثون أبناءهم على العلم والجد والاجتهاد ويحاربون الكسل والتثبيط، وكذلك دور إدارات المدارس والجامعات في محاربة الرذيلة والتصدي لدعاة السوء الذين يدعون إلى الجهل.
العلم .. وسوق العمل
وتعرض سماحة مفتي عام المملكة إلى بعض الأفكار الخاطئة الخطيرة والتي تحاول النيل من العلم الشرعي، بالزعم بأن العلم هو الذي يرتبط بسوق العمل، قائلاً: إن المعلمين في عالمنا الإسلامي عليهم دور وواجب عظيم وهو تقوى الله وتعليم العلم النافع لأبنائنا، وإن ديننا لا يحارب العلم بل هو يدعو إلى أن يتزود الناس بالعلم النافع ( اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً) والشبهة التي يثيرها البعض بربط العلم بسوق العمل فأما هؤلاء فجهلاء بتعاليم ديننا الحنيف ومبادئه أو من ذوي النية السيئة بطرح هذه الأفكار بقولهم إن العلم يجب أن يقتصر على سوق العمل من الناحية المادية، فهل هذا يعني أن العلوم الشرعية معوقة للعمل.
وقال سماحته: إن العلم الشرعي ضرورة لكل مسلم، حتى يعرف كيف يعبد ربه، وتعاليم الإسلام جاءت لتهذيب النفوس وتطهير القلوب والأخذ بيد الجميع، والأمة بحاجة إلى العلم النافع لتزاحم غيرها من الأمم ولكن لابد من علم شرعي يتلقاه كل طالب ليعرف دينه، لأن علم الشريعة هو زكاة للنفوس والقلوب، فالإسلام لا يحارب العلم ولا يقف حجر عثرة أمام العلم النافع ولكن لا يجوز أن يتصور أحد أن العلوم الشرعية عائقة أمام التقدم أو هي تأتي بالخمول والكسل لأنها هي التي تعلم المسلم كيف يتعامل مع ربه، ولذا فالخلط بين سوق العمل وعزل الأمة عن تعاليم الإسلام والشريعة خلط بين الأوراق، ولا ينافي ذلك على المسلم أن يتزود بكل علم نافع ومفيد.
الموضوع قديم كان في بداية العام الدراسي ولكن لايخلو من الفائده إن شاء الله
صحيفة المدينة - السبت 26 رجب 1425 - الموافق 11 سبتمبر 2004 (العدد 15116) السنة التاسعة والستون