كل شيء مكشوف عند جارتي صاحبة الدجاجات ...ابتداء من منزلها المبني من الطين وانتهاء بقلبها الذي لا يعرف إلا المصارحة . اقتربت جارتي مني بدأت تداعب خصلات شعري وبين شفتيها ألف حديث...
مسكينة لا تتقن إلا الخجل في زمن لونه كلون غبرتنا ... لكنها سخية في كل شيء حتى في حديثها وحنانها وتعلقها بأمها البعيده ... بدأت جملتها الأولى بالتأتأة ثم بدأت الجمل تتوالى كان حديثها شيق حدثتني عن شوقها وحنينها لأمها ...حدثتني عن دجاجاتها التي ستبيعها يوم الاثنين من أجل الحصول على هاتف محمول ..اندهشت من تفكيرها وحلولهاالبسيطة ضجكت وضحكت وضحكت وطفرت من عيني دمعة احرقت قلبي لم تهتم لضحكي وأنا لم أهتم لبقية كلامها لإني كنت أتأمل تجاعيد وجهها وبرآءة قلبها كنت أتأمل قامتها المتعبة ..أتامل لونها الأسمر... أتامل صبرها.. وحنينها لأمهاولم انس أن أتأمل فمها الخالي من الأسنان واتذكر انها في كل مرة أسألها اين أسنانك ياجارتي فتقول ضاحكه السوس غزاني فخلعت جميع أسناني ولم يبق لي الا هذ الضرس كي أطحن عليه همومي ..انتهى حديثنا بدون إستأذان وبدأ تسخطي على الفقر لكنِ أتذكر مقولتها عشعش يابن آدم تعيش واتصبر
مرت شهور على حديثنا لم التقي بها غير مرات قليلة كنت ادخر لها كمية كبيرة من الحنان وان كان متشحا بالسواد هذه المرة جاءتني وعلى فمها زغرودة ناعمة وبدأت بحديثها بدون مقدمات ولا حتى تأتأة يحق لها فقد باعت جميع دجاجاتها من أجل آن تحظى بهاتف محمول وجاءتني بورقة صفراء متهالكة مكتوب فيها رقم الأم ..بدأت بالضغط على الأرقام الرقم تلو الرقم وقلبها يدق بسرعة وعلى وجهها ألف حكاية ..كانت يدها ترتجف لا أعلم هل هو البرد الذي بدأ يدب في جسدها النحيل أم حنينها لأمها جعلها ترتجف أم الخبر الذي تلقته في أول مكالمة من هاتفها ...بأن من باعت لأجلها الدجاجات قد رحلت لعام آخر.