سأروي ما تسعفني به الذاكرة عن ما كنا نعمله في رمضان قبل نصف قرن تقريبا ..

كنا نستعد لرمضان مبكرا جدا وذلك بشراء الجرار التي تحفظ المياه في شهر رمضان ، ونشتريها في شهر رجب كنا نسمي تلك الجرة التي نشتريها في رجب بالرجبية نسبة لشهر رجب ، والاعتقاد في ذلك أن مياه جرة شهر رجب تبقى باردة على طول حتى لو مرت عليها عدة سنوات .
كذلك يستعد الناس لرمضان من ليلة الشعبانية ، وهي ليلة 15 شعبان وكنا نحتفل في هذه الليلة احتفالا جميلا فنلبس لها الملابس النظيفة ونأكل الأكلات الحلوة كالمرسة والمرزوم والثريث والدخن والمفالت .. وكثيرا ما كنت أسمع هذه الدعوة تتردد على مسامعي بين كبار السن ( اللهم اجعلنا من المقبولين والمكتوبين) ، الاعتقاد عند الكثير في ذلك الوقت أن الأعمار تكتب في تلك الليلة فمن يستمر به العمر يكتب اسمه ومن سيموت يمحى اسمه .. لم أقف من خلال قراءتي البسيطة على شيء عن هذا الاعتقاد .. إنما الذي أعرفه عن فضل هذه الليلة أنه جاء الأمر الإلهي بتحول القبلة من بيت المقدس ( المسجد الأقصى ) إلى مكة المكرمة ( الكعبة الشريفة ) وصلى النبي عليه الصلاة والسلام صلاة عصر ذلك اليوم متجها إلى الكعبة ( المسجد الحرام ) .
يأتي رمضان والناس مستعدة نفسيا وروحيا وعقليا له بسبب تلك المقدمات ( الشعبانية ) حتى أن النساء يضعن الحناء والشاذر على أيديهن وأرجلهن .. والرجال يضعن الحناء على أرجلهن ، والنساء يعضين بالطيب أو الزر ( القرنفل ) ويتكعسن بالمخضارة والبعيثران والكاذي والشيح والشار ويضعن في مفارقهن الحسن والظفر ..
يعلن في الإذاعة عن دخول شهر رمضان فتسري الغطافر والشحات والبنادق من بعض البيوت ، وتبدأ التهاني بين الجيران والأقارب ..
سأكمل غدا إن شاء الله