
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نسايم ليل
قال فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله - في شرح كتاب صحيح البخاري :
قال الله تعالى : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } ثم نعرف خلافا بين العلماء، هل الأصل في النكاح التعدد ، أم الأصل الإفراد ؟!
فالذين قالوا : الأصل التعدد ، قالوا : إن الله تعالى بدأ به في هذه الآية { مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ } وأما الإفراد فقال: { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً } .
والذين قالوا : إن الأصل الإفراد قالوا : إن العدل شديد وثقيل على الكثير ، ودليل ذلك قول الله تعالى: { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } أي أنه شديد، وإذا كان شديدا فالاقتصار على الواحدة أولى؛ لذلك قال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً مع قوله: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ إذا مال أحدهم إلى إحدى امرأتيه بقيت الأخرى معلقة، لا أيما ولا ذات زوج تتألم وتلاقي من الصعوبات الشيء الكثير؛ فلذلك فضلوا الاقتصار على الواحدة.
ولكن بكل حال الأحوال تختلف، والقدرات تختلف، فمن وثق من نفسه بأنه يعدل بين المرأتين أو الثلاث أو الأربع، ويعطي كل واحدة حقها؛ فإن الأصل في حقه أن يعدد .. اهـ .
وقال أيضًا - حفظه الله ورعاه - في شرح : أخصر المختصرات في الفقه على مذهب الإمام أحمد - في كتاب النكاح - ما يلي :
واختلف هل الأصل في النكاح التعدد أو الإفراد؟
فالذين قالوا: الأصل التعدد قالوا: إنه الذي أمر الله به { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ } فإن هذا أمر بأن ينكح أكثر من واحدة، ولكن بشرط وهو قوله: { أَنْ تَعْدِلُوا فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا } .
ثم إذا عرفنا أن هذا دليل من يقول: الأصل التعدد.
دليل من يقول: الأصل الإفراد قوله: { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } فهذا دليل على أن الإنسان -غالبا- لا يستطيع العدل إلا بصعوبة، ثم يأتينا في باب العشرة نوع العدل إن شاء الله.
وذكر والدي - حفظه الله - في كتابه : " أحكام التعدد " ، فتوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - ، حيث قال : وأما هل الأصل التعدد أو عدمه؛ فلم أر في كلام المفسرين الذين اطلعت على كلامهم شيئًا من ذلك، والآية الكريمة تدل على أن الذي عنده الاستعداد للقيام بحقوق النساء على التمام؛ فله أن يعدد الزوجات إلى أربع، والذي ليس عنده الاستعداد يقتصر على واحدة، أو على ملك اليمين ، والله أعلم . ( فتاوى المرأة المسلمة )
وقال الدكتور القرضاوي عندما سُئل عن هذه المسألة :هذا سؤال يسأله الكثيرين وبعض هؤلاء يقولون: أن الأصل هو التعدد ويستدلون بقول الله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فيقولون أن الأصل أن تتزوج زوجتين وثلاثة وأربعة، إنما هذا الكلام لو كانت الآية جاءت تقول (يا أيها الناس انكحوا ما طاب لكم مثنى وثلاث ورباع) إنما الآية ليست كذلك فهي مربوطة بشيء قبلها (وإن خفتم ألا تقسِطوا في اليتامى فانكحوا لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) فما وجه الربط بين الشرط والجواب، فقد جاء عن عائشة إنهم كانوا يتحرجون من زواج اليتيمات في حجرهم فقد تكون المرأة في حجر الوصي عليها أو لديه يتيمة وهو قيِّم عليها، ويريد أن يتزوجها ولكن يخاف أنه إذا تزوجها لا يقوم بحقها لأنه المتحكم فيها ولا يعطيها مهرها، فربنا سبحانه وتعالى يقول له إن كنت خائف ربنا يوسع عليك، فما الذي يدخلك في هذا المأزق وهذا المضيق، فقد وسع الله عليك (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) هذا جاء من أجل هذا، ولو كان ما يقوله هؤلاء صحيحاً لوجب أن يقول عدد النساء على الأقل ضعف عدد الرجال أو أربعة أضعاف عدد الرجال، إنما الواقع الذي يشهد به هذا النظام الكوني أن عدد الرجال والنساء متساوٍ أو متقارب، حتى أن الرجل الذي كتب كتاب ترجم إلى العربية بعنوان "العلم يدعو إلى الإيمان" ذكر أنه من دلائل على أن هناك قوة تنظم هذا العالم إن الناس طوال التاريخ تحب الذكور أكثر من الإناث ومع أن هذا العدد متساو أو متقارب دليل على أن هناك قوة تعمل هذا، فلو أراد الله أن يتزوج الشخص من زوجتين أو ثلاثة وإن هذا هو الأصل فكان لابد أن يكون عدد النساء ضعفاً أو أضعافاً وهذا ليس موجود .
جزاك الله خير