بالأمس كنت بصحبة صديقي
نتجول ونستمتع بقضاء لحظات "ويكندية" بعد اسبوع شاق من العمل
قررنا بأن نختتم الجولة بأحد المطاعم الراقية في مدينة الخبر
بينما كنا لا نملك سوى فكة المشروبات ومايكفي لوقود السيارة وقضاء الجولة
فهممنا بالذهاب الى جهاز الصراف الآلي
خوفاً من أن يقع اختيارنا على مطعم لاتوجد به خدمة الشبكة
توقفت عند احدى الصرافات الآلية
وفي عجلة حشرت بطاقتي في فم ذلك العملاق الحديدي
وانا استمتع بصوته وهو يبتلعها كي تحضر لي ورقة زرقاء اللون ثم تعاود الخروج
لم اكن اعلم بأن ذلك الصوت كان صراخها وانها كانت تحتضر بين فكيه .. ماتت المسكينة
انتظرت لدقيقة دقيقتين ثلاثاً حتى ازعجني احدهم يريد ان يوأد بطاقته هو الآخر
وانا انتظر واقرأ بيأس ماتيسر من عناوين السداد الملصقة
وشعارات المجاهرة بالربا حتى انني نسيت أمر العشاء والصرافة وجلست اتأمل تلك العبارة
"ابو عبدالله لتسديد التعثرات البنكية واستخراج قرض جديد
بأقساط ميسرة وهامش ربحي أقل" .. ماهذا ياعبدَ "الله" ..؟!
فتبادر الى ذهني سؤال ؟؟ كنت انتظر اجابته من صديقي الذي يمد لي ببطاقته
وقد اصيب بنوبة صرع "قبلية" قائلاً لي :
"في اخر الشارع جهاز صرف آلي آخر وحرام طلاق ان تسحب من بطاقتي"
كنت اردد في نفسي وانا اقود سيارتي
مودعاً بطاقتي العزيزة بعد ان قضت حتفها عقراً حتى الموت ..
- من سمح لنا باستخدام هذه الألفاظ وماهي شرعيتها ؟!
- ماذنب تلك المسكينة التي تنتظر وأبناؤها عودتك
وانت تقامر بحياتها الزوجية في "كلمة" على هامش يومياتك خارج المنزل ؟؟
أسئلة كثيرة كانت تدور في ذهني
حتى استوقفتني اشارة مرورية حمراء - ربما كانت خضراء .. لا اعلم ذلك ,
ف ابا عبدالله لم تقتصر ملصقاته على اجهزة الصراف الآلي فقط
ولم يراعي بلوحته مدى رؤية السائقين لأضواء الإشارة
التي تزينها احدى لوحاته التشكيلية الرائعة يتذيلها رقمه للتواصل
وقد اطلق عليها اسم المجاهرة بالرِبَى في مدينتي مما اضطرني
الى سؤال صديقي العزيز مرة أخرى إلا ان سؤالي هذه المرة كان اكثر تفصيلاً ..
( من هي الهيئة المخولة لردع المجاهرين بالمعاصي في مدينتي )
( وماهي العقوبة المفروضة على من يجاهر بمعصيته في الأماكن العامة ) ؟!
فلم يجد صديقي صعوبة في اجابتي بإختصار متعذراً بمعدته الجائعة
" اعمل نفسك ميت "
وتحرك لأقرب جهاز صراف ثم الى المطعم
فالجوع كافر في اليالي الباردة .