بمشاعر الحب والولاء أهدي هذه القصيدة إلى كلِّ من فقدت أُمَّها
علَّها ترفع كفاًّ في ظلمات ليلٍ دامس وتدعو لأخيها يحيى المشعل
بالصلاح والفلاح والنجاح
........
على لسانها
أُمِّي الغالية ...
أيُّ ينبوع حنانٍ سأنهله بعد أن جفَّ ينبوع حنانكـ
شاء الله أن نفترق وليس لي إلاَّ إيماني بقضاءِ الله تعالى
والدعاء لكـ في كلِّ لحظة ......
........
أُمَّاهـُ ضجَّ الكونُ من زفراتي
لمَّا طوتكـِ مقابرُ الأمواتِ
ووقعتُ كالطَّيرِ الكسيرِ جناحُهُ
ووقفتُ لكنِّي فقدتُ ثباتي
مصلوبةٌ ونسورُ فاجعتي هَوَت
بمخالبٍ جبَّارةِ السَّطَواتِ
بَطَشَت بحلمِ العمرِ في رَيَعانِهِ
أوَ بعد هذا الفقدِ فقدٌ آتي ؟
غصنٌ أنا قد جرَّدتْهُ الـرِّيحُ من
أوراقِهِ , وكسَتهُ ثوبَ شتاتِ
جسدٌ أنا والرُّوحُ حين وداعِكُم
فرَّت من الأضلاعِ في الدَّمَعاتِ
فرَّت لِتوأَمِها تريدُ عِناقَهٌ
في مشهدٍ يطغى على الكَلِماتِ
لو أنَّ للأحجارِ مثلَ عيوننا
لتفجَّرت من أوِّلِ النَّظَراتِ
الصبُّحُ يعبرُ كالَّليالي شاحباً
والَّليلُ بعدَكـِ ثائِرُ الظُّلُماتِ
أُمَّاهـُ أين الشَّمسُ أين ضياؤها الـ
آتي من الآفاقِ للرَّبَواتِ
أُمَّاهـُ ما للغيمِ يمنعُ دمعَهُ
أنْ لا يُبَلِّلَ وجنةَ الشُّرُفـاتِ
ماعادَ للفستانِ رغبتُهُ التي
من أجلِها لـم أغفُ عن مِرآتي
وحروفُ قافيتي تعافُ دفاتري
وأنامِلي ومراسِمي ودَواتي
وتُقيمُ في الأعماقِ ليس تَوَجُّساً
لكنَّها تخشى على الصَّفَحاتِ
تخشى انسكابَ البوحِ فوق سُطُورِها
كالزَّمهَريرِ القرِّ والطَّعَناتِ
البوحُ عن فقد الأحبِّةِ قاتلٌ
والصَّمتُ عنهُ كضجَّةِ الصَّعَقاتِ
موتانِ بينهما تشيخُ طفولُتي
وتمرُّ بي الَّلحَظاتُ كالسَّنواتِ
إن كـان في نزفِ الجراحِ تذكُّري
لمليكتي فنزيفُها نبضَاتِي
كالأفقِ تتَّسعُ الجروحُ وزادها
ظمأي لفيضِ الضَّمِ والقُبُلاتِ
للذِّكرياتِ حملتُ ثوبَ مشاعري
عطَّرتُهُ من أطيبِ النَّفَحاتِ
ورأيتُ وجهَكـِ كالحدائقِ ضاحكاً
ويديكـِ كالعنقودِ والثَّمراتِ
وسمعتُ صوتَكـِ فاحتفلتُ بشدوِهِ
في مسمعي ووهبتُهُ إنصاتي
أأعودُ من ذكراكـِ أحملُ فوق ما
بي من أسىً , أأعودُ للفلَواتِ ؟
أأعودُ كيف أعودُ إنَّ نهايتي
في العَودِ للأشباحِ والصَّرَخاتِ
سأعودُ حتماً فوق جسرِ حقيقتي
كضريرةٍ والذَّكرياتُ عصاتي
أُمَّاهـُ طفلتُكـِ اليتيمةُ لم تمت
إلاَّ عن الأحلام والرَّغباتِ
تشتاقُ للحضنِ الحنونِ يلفُّها
ويُعيذُها من وحشةِ الحُجُراتِ
من يملأُ البيتَ الكبيرَ سعادةً
كسعادة ِ العِيدَيْنِ والحَفَلاتِ ؟
نومي هنئتُ بهِ قبيل رحيلكُم
وعلى الرَّحيلِ تفحَّمت غَفَواتي
سجَّادةُ الَّليلِ الأخيرِ وحيدةٌ
في ركنِ صالتِنا على الكَنَباتِ
ترنو لميعادِ النَّديمِ لِوجهِهِ
لِخشوعِهِ للهِ في الصَّلَواتِ
لِنقائِهِ لِضيائِهِ لِقِيامِهِ
لِنَشيجِهِ في أكثرِ الآياتِ
لِشُموخِهِ كالنَّخل في محرابِهِ
لِدُمُوعِهِ تُطفِي لظى العَرَصاتِ
مرحى فظلُّ العرشِ يغمرُ أعيناً
فاضت لأجلِ اللهِ في الخَلَواتِ
يامن يجيبُ السائلين إذا دَعَوا
ويجودُ بالخيراتِ والبرَكاتِ
إنِّي أمدُّ يدي إليكـَ تضرَّعاً
وأبثُّ ماقد ثارَ في الخلَجاتِ
لي في المقابرِ وردةٌ فاغفر لها
ماكان ياربَّي من الزَّلاتِ
أمِّي وهل كالأُمِّ حبٌّ صادقٌ
ينسابُ في الأرواحِ كالنَّسَماتِ ؟
وسِّع لها قبراً ثَوَت في لَحدِهـِ
وافتح لها باباً من الجَنَّاتِ
وإذا أتى يومُ المَعادِ فنجِّها
ياخالقي في أصعبِ الوَقَفاتِ
واجعل مقرَّ الأولِياءِ جزائَها
في جنَّةِ الفردوسِ والغُرُفاتِ
متِّع عيونَ مليكتي و حبيبتي
بضياءِ وجهِكـِ ياعظيمَ الذَّاتِ
والطُف بكلِّ يتيمةٍ محرومةٍ
جفَّت محاجرُها من الدَّمَعاتِ
ثم الصَّلاةُ على النبيِّ محمدٍ
ماقام خلقُ الله للصَّلواتِ
....
يحيى المشعل .. فارس الكلمة