لست أدري!

أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويّا

أتراني كنت محوا أم تراني كنت شيّا

ألهذا اللّغو حلّ أم سيبقى أبديّا

لست أدري... ولماذا لست أدري؟

لست أدري البحر:

قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر منكا؟

هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟

أم ترى ما زعموا زوار وبهتانا وإفكا؟

ضحكت أمواجه مني وقالت:

لست أدري!

أيّها البحر، أتدري كم مضت ألف عليكا

وهل الشّاطىء يدري أنّه جاث لديكا

وهل الأنهار تدري أنّها منك إليكا

ما الذّي الأمواج قالت حين ثارت؟

لست أدري!

أنت يا بحر أسير آه ما أعظم أسرك

أنت مثلي أيّها الجبار لا تملك أمرك

أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك

فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟ ..

لست أدري!

ترسل السّحب فتسقي أرضنا والشّجرا

قد أكلناك وقلنا قد أكلنا الثّمرا

وشربناك وقلنا قد شربنا المطرا

أصواب ما زعمنا أم ضلال؟

لست أدري!

قد سألت السّحب في الآفاق هل تذكر رملك

وسألت الشّجر المورق هل يعرف فضلك

وسألت الدّر في الأعناق هل تذكر أصلك

وكأنّي خلتها قالت جميعا:

لست أدري!

برفض الموج وفي قاعك حرب لن تزولا

تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولا

قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميلا

ليت شعري أنت مهد أم ضريح؟..

لست أدري