.
.
شاطئ جازان في ليالي الشتاء الباردة يصبح ساحراً حد الدهشة
يوحي إلى النفس بمزيد من الخيال و تترك الأمواج بعد مدها ألفاً من السؤال
يعتذر الرمل عن الإجابة
وتشتبك علامة تعجب حيرى مع شباك الصيادين الممزقة
ثمة واقع يجب أن نواجهه كما يواجه الغرقى مصيرهم المحتوم
وفي الأعين لغة يجب أن نستخدمها لأنها لغة النجاة من الأرق
رشفتُ كوباً من الشاي الحار وأحسست بدفء يسري عبر العروق
لا أدري أية درجة قد يتجمد فيها الإحساس بالآخر القريب
ولا أدرك حقاً أية مؤشرات تجعلنا نحدد اتجاهنا ونحو أي وجهة نسير
مايثير قلقي ويعصف بلحظتي الحالمة هذه هو
الإحساس بالذنب
والشعور بالجريمة
نحو أكثر الأشياء التصاقاً بوجودنا
وارتباطا بأحقيتنا في مسمى ( بشر)
,
,
قالت لي صخرة الشاطئ تلك حين أيقظت مضجعها:
ثمة أمل يجعلني أقبع هنا بصمود رغم تصميم الأمواج على الفتك بي
أملٌ..
بأن يشعر البشر بإخوانهم الغرقى
أملٌ..
بأن يجد التائه مركباً ينقذه..
أملُ..
بأن يؤمن المتغطرس بوجود آخرين على كوكب الأرض
.
.
أعجب من إنسانٍ ينشد الراحة على هذا الشاطئ
فلا ترى عيناه من لون البحر إلا الأزرق الشفاف..ويعجز عن رؤية الغدر المترقب في أفقه
أشفق على شخصٍ يبحث عن الاستجمام بمحاذاة ماء...ولا يجد في تجفيف الدموع أنساً وإنسانية
تبلغ بي الدهشة أقصى حالاتها حين يموت أمام البشر بشراً
فلا يبكي
ولا يتأثر
ولا تتحرك فيه شعرة
بدعوى أن شاشة التلفاز جمادٌ لا ينطق أو يحس
رغم أن دماء الشهداء تكاد تلطخ أجهزة الريموت!
يسكنني خوفُ من هذا الإنسان الذي بات يرى منظر الدماء عادة
ويخيل إليه بأن أرواح الموتى .. قد تسترخي في راحة أبدية على وسادة
يؤلمني أن نتعاطى أخبار العالم كرقائق البطاطس في ليلة فراغ ثملة!
أصبح هذا الإنسان في عداد الجمادات
ولعل من الجماد ما يشعر
فتنفلق الصخرة اثنتا عشرة عيناً
لتروي عطش عابر
و يتلقى القمر صفعات حارة من الشمس
ليشعل شمعة شاعر
ويستأنس المسافر ناراً
لعلها تأتيه بقبس
ورب قطعة خشب منهكة
صارت أبلغ من ألف عِــبارة... في ليلة غرقت فيها العـبّارة
ليلة
كهذه الليلة التي يشتعل على شاطئ بحرها حطباً للشواء
و ماءً مغلياً لشاي دافئ
وسيارة تبيع آيس كريماً متجمداً يبحث عن لسانٍ حار يذيبه.
,
لحظة..لحظة..أشتم رائحة شيئ يحترق!
,
,
قالت لي الصخرة : لا تقلقي
إنها رائحة ضمير بدأ يشعر!

.
.
.


أميــــ الوله ــــرة
.