كنت أقرأ في ديوان أبو القاسم الشابي ذلك الشاعر والأديب التونسي
الذي كان من عباقرة زمانه آنذاك في شعره الوجداني الذي يجري على السليقة
والذي كان عنصر التعبير عنده أهم من عنصر التفكير ، فقرأت له قصيدة كانت جميلة في نظري
فأحببت أن أكتبها لكم وهي بعنوان :
أكثرت يا قلبي فماذا تروم ؟
يا قلبيَ الدامي !إلامَ الوجــــــومْ!؟
يكفيك !إن الحزن فظ غشـــــوم
هـــذي كؤوسي مرة كالـــــردى
ما ملؤها إلا عصـــير الهمــــومْ
وذاك نايي صـــامتٌ واجـــــــمٌ
يصغي إلى صوت الغرام القديـم
يا قلبي الباكي إلام البكــــــــــا؟
مافي فضاء الكـــــون شيءٌ يدوم
فانثرْ غبار الحـــــزن فوق الدجى
واسمع إلى صوت الشباب الرخيم
وانقر على دفِّ الهوى لحنــــــــه
وارقص مع النور الضحوك الوسيم
يا قلبي الداجي!إلام الوجــــــــوم ؟
إن لم ألمْ قلبــــــي فمن ذا ألـــــوم ؟
مالك لا تصغي لغيـــــر الأســـى ؟
مالك لا ترنو لغير الكلــــــــــــوم ؟
مالك قد أصبحتَ لا تصرفُ الأيام
إلا في شعـــــــــاب الجحيــــــم ؟
أما ترى البلبل في غـــــــابــــــه ؟
يشدو وفوق الغاب تخطو النجـــوم ؟
أما ترى الأسحار تبدو بها الغابات ؟
كالأحلام ـ خلــــف السديــــــــم ؟
أما ترى الآمال في سحرهـــــــا ؟
أما ترى الليل يناغي النجـــــــوم ؟
يا قلبي الداجي!إلام الوجــــــــوم ؟
أكثرت يا قلبي فماذا تــــــــــروم ؟
هل تحسب الأيام في زحفهـــــــا
ترثي لمن قد هدمتـــه الرجـــــوم ،
كــــلا!فإن الدهر يمضــــــي ولا
يلوي على ما خلفــــه من كليـــم
واليـــمُّ لا يرثي لمن طمـــــــــهُ
والسيل لا يبكي لنوح الهشيــــــم
والعاصف الجبار في سخطـــــه
لا يرحم الغصن الرشيق القويــمْ
هــذي هي الدنيا فماذا الأســـــى
يا قلبي الدامي ، وماذا الوجـــومْ!
******