.
.
يمضي تاركاً خلفه فنجان قهوةٍ لم تبرد بعد
وشيئٌ من رائحة النرجس الملتف حول عنق الكرسي
وعلى المكتب أزهار فل تستميتُ في الإنتظام حول نفسها!
.
.
أشرعُ في البحث عنك مع بوصلة لا تعرف من الإتجاهات إلا قلبك
و شالٌ شرقي يعتنق السواد
وتصدح في أذنيّ أغنية تائهة لازالت تحلمُ بملحنُ يلم أصدائها
وأراك
.
.
هنـــــــــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــــاك
.
.
بعيداً
تقف على حدود الوهج الذي يفصل بيننا
ترفضُ التحليق مع السرب ..وتخشى أن تُقاد نحو سراب
تنسج من الضباب ستاراً يخفيك عن مرأى حواسي
توغلُ في حشو جروحك بذرات الملح
وأنا أرقبك من حيثُ لا تأتي
ومن حيثٌ لا أرجع!
يتدلى منديلي الأبيض شوقاً لتضميد جرح يعشق النزيف بكبرياء
ويهوى الإستفراغ على أكف الخيبة واليأس!
أتأملك ملياً ثلاث حسرات
وأتألمك ليلاً ثلاث سهرات
ولا أفعل لأجلك شيئاً سوى الحياة لأجلك
!
أستنفذ من قلبي ما تبقى من نبضه لأهز به الجدران الفاصلة
أستدين من الحديد قوةً تمكنني من الضغط على أقفال الأبواب
علها تلين للطرق الذي لا يمل ولا يهدأ
أتلمس النتؤات التي تخترق الحائط وتمعن أصابعي في التحرش بها
أتهاوى بين قدميّ
وأجرجر فُتات الحِلم بدلاً من أذيال الخيبة التي تحتلني
وأعود!
.
.
هنــــــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
في هذه اللحظة البائسة أعيد للمشاعر في صدري توازنها
وأرتب الفوضى التي تتصارع داخل حجرات قلبي
أعقد صفقةً خاسرة سلفاً
تبدأ من هذا الولع مروراً بالوجع وليس انتهاءً بالنسيان
مفادها:
أن تأخذ معك كل النسخ المشابهة لك
تلك التي تحتل سكني ثمناً لرصيدٍ جامد
أرى بعضها قبل أن أغفو وأخرى تختبئ خلف طلاء الجدران
والقليل منها لا زال يرتشف كوباً من الشاي أمامي!!!!
.
.
منذ أن افترقنا وأنا أكتبُ رسائلي بيدِ واحدة
وأترك الأخرى تحكم قبضتها على بابٍ يترقبك
منذُ أن افترقنا وأنا أجرجر خطواتي في كل الشوارع
علنيّ أعرقل مرورك بعيداً
منذُ أن افترقنا وأنا أرسمُ خارطةً أخرى خَرفة
تحدد نقطة جديدة للبدء في البحث عنك!
أمسيُت أتصرف كما لو أنك تراني!
وأغني كما لو أنك تسمعني!
وأختلس إليك النظر من زاوية حدقتي العليا مديرةً رأسي أمامي!
ومع هذا فأنا أصحو متأخرةً كعادتي لألقنَ نفسي درساً دائماً تنساه في
فن العيشِ بانفراد دون أحلامٍ تشمت من تشتت حواسي
أبتسم في وجه الأحلام المستيقظة وأنا أعيد حياكة صفحة حياتي
كنتُ قد شققتها نصفين
لكنني
أتذكرك هناك وأنا هنا!
فتضل الإبرة طريقها إلا نحو قلبي
وأشعر بوخزة خفية تستل من خيوطي كل أواصرها!
.
.
.
تمت