نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

غالبا ما قد يمر كل منا بالكثير من المواقف في حياته اليومية،
ولكن القليلين منا هم من يتوقفون عند هذه المواقف؛ ليعرف كيف يستفيد منها أو يفيد الآخرين بها،
ليحيلها إلى طاعة جديدة في حياته، وهذا ما حدث مع الشاب السعودي (خلف الجودي) وأصدقائه..

فلم يمر احتياج أحد الأشخاص إلى فصيلة دم نادرة عليهم مرور الكرام،
فهذا الحادث جعلهم ينشئون بنك دم على شبكة الانترنت، تجاوزت خدماته النطاقين المحلي والإقليمي لتصل إلى العالمية.

دم نادر

تعود بداية القصة إلى قبل عامين ونصف، حينها كان (خلف) يحضر حفل زواج أحد أقاربه..
الأمور تسير على ما يرام في تلك الليلة... الكل سعيد وأجواء البهجة تملأ المكان...
وفجأة بدأ صوت الجوال في الرنين.

وكان على الجانب الآخر صديقه يستفسر منه على فصيلة دمه؛
لأن أحد الأصدقاء أصيب في حادث، وتم تنويمه في مستشفى الملك فيصل العام بمدينة الطائف،
ويحتاج لفصيلة دم نادرة وهي (B - ).

حينها أخبر خلف صديقه أن دمه من فصيلة أخرى،
ثم توجه إلى جميع الحضور في الحفل ليسألهم عمن تتوافر به الفصيلة المطلوبة،
فوجد اثنان فقط أحدهم لا يستطيع التبرع بالدم؛ لأنه مريض ويتناول أدوية خاصة
والآخر ابن عمه فيصل الجودي الذي أبدى استعداده التام للتبرع فتوجها معا إلى المستشفى.

ويكمل خلف الحكاية:
"عندما وصلنا إلى المستشفى، التقينا شقيق المريض،
وكان متأثراً بشدة نظرا لحالة أخيه، ثم تهللت أساريره بعد أن أخبرناه أن ابن عمي فيصل تتوافر به الفصيلة المطلوبة..
توجه فيصل إلى غرفة التبرع بالدم، وبدأت أبحث عن طريقة لمساعدته، وخاصة أن متبرع واحد لن يكفي".

الشرطة في خدمة الدم

ويتابع خلف:
"توجهت إلى بنك الدم بالمستشفى، وسألت الموظف إن كان لديهم بيانات لمن يستطيعون التبرع بفصائل نادرة
في حالة الاحتياج لهم فأجاب بأن لديهم سجل بالتبرع في المستشفى وهو عبارة عن قائمة بأسماء من لديه القدرة للتبرع،
وعندما أخرج الموظف ذلك السجل وجدته مهلهلاً، فعرفت أنه لن يفيد كثيراً لما مر عليه من عوامل الزمن الشديدة".

ويضيف:
"أهملت فكرة السجل وفكرت بطريقة أسرع وبينما أنا كذلك بجانب ابن عمي...
اقترح علي أن اتصل بالشرطة لتوفر لنا أحد أفرادها الحامل لنفس الفصيلة
وفعلاً تم الاتصال وبعد قرابة نصف ساعة أتى أحد الجنود للتبرع،
فتم إدخاله إلى غرفة التبرع، وبذالك انهينا ذالك الاحتياج في تلك الليلة".

مر الموقف والحمد لله على خير،
ولكن بدأ خلف يفكر ماذا سيحدث لو تكرر هذه الموقف، وكل يوم يحتاج آلاف الأشخاص لمتبرعين بالدم،
وبدأ خلف يحادث نفسه:
"الكل يعرف أهمية بنوك الدم فالدم هو شريان الحياة لذلك من المهم جداَ أن يتوفر حال طلبه،
وهنا تكمن المشكلة ...

فكثيراً من المرضى ومن يصابون في الحوادث أو من يُدخلون لغرف العمليات يكونون بحاجة ماسة في الغالب للدم،
وهذا الاحتياج يتم توفيره من خلال بنوك الدم في المستشفيات المحلية والعالمية في حال توفره بالكميات المطلوبة،
إلى جانب عائق ندرة وقلة وجود دم بعض الفصائل فهي فصائل نادرة".

دم أون لاين

وبعد هذا الموقف يقول خلف:
"اتفقت مع فيصل على تحديث القائمة الموجودة بالمستشفى وكتابة قائمة جديدة بأسماء من يريدون التبرع بالدم،
وتم وضعها بالمستشفى لكي يستفيد منها الجميع.

ولكن بعد مرور يومين تأكدنا بأن جميع ما سوف نقوم به لن يكون مجدياً،
خصوصاً ونحن في عصر الحاسب الآلي والانترنت،
كما أن هناك حاجة لتوسيع دائرة المستفيدين،
ثم مُن الله علينا بفكرة إنشاء موقع الكتروني يكون بمثابة قاعدة بيانات كبيرة جداً قد تضم العالم بأسره، وتحتوي على

أسماء أشخاص،
وفصائل دمهم،
ومكان سكنهم،
وطريقة الاتصال بهم، تكون في متناول أيدي من هم في حاجة ماسة للدم".


وبدأنا في ترتيب بناء الموقع الالكتروني، حيث أبدى زميلنا غازي القرشي
(موظف حكومي حاصل على شهادات متقدمة في الحاسب الآلي – المدير الفني للموقع)
استعداده لمساعدتنا ولخبرته في مجال الانترنت، وبعد مرور ستة أشهر تم بناء الموقع وتجربته، ومن ثم أطلقناه".

وقف لله أون لاين

وعمن يملك هذا الموقع،
أوضح خلف أنه «وقف لله تعالى»، فمن يساعد فيه له الأجر بأذن الله، ومن يحاول العبث به عليه الإثم ومنه فهو ملك الجميع، وأشار إلى أن الموقع لا يحتوي على إعلانات؛ حتى لا يختلط الهدف الإنساني منه بالجانب التجاري.

وعن مدى التجاوب مع هذه الفكرة، أكد خلف أن الموقع يضم حالياً أكثر من 6 آلاف مسجل، موزعين على مختلف أنحاء العالم، ولكنه أوضح أن المسجل في الموقع لا يلزم بالتبرع،
كما أن الموقع يعطي من يحتاج إلى فصيلة محددة فرصة لتوجيه نداء يوضح من خلاله حاجته والمكان الذي هو فيه،
والحمد لله تم الاستفادة من الموقع بآليات مختلفة منها التواصل بين المحتاج والمتبرع من خلال الموقع.

وأوضح خلف أنهم يسعون دائماً لتطوير الموقع، وأضاف:
"قمنا فعلاً بالتعاون مع شركة تطوير في مدينة جدة؛ لكي نبني موقعاً جديداً فيه كل الخدمات الممكنة لمن يحتاج أو يود التبرع بالدم، ولا سيما أنهم بصدد البدء في مشروع جديد يهدف إلى التبرع بالدم للأطفال بطريقة دورية.

ويشير خلف الجودي إلى أن مرضى الدم من الأطفال يحتاجون إلى من يتبرع لهم بشكل دوري ولمدة طويلة،
خصوصاً المصابين منهم ببعض أمراض الدم الوراثية،
مشيرا إلى أنه: "لو افترضنا حاجة أحد الأطفال إلى متبرعين من مشروع بنك الدم الالكتروني،
فإنهم سيوجهون لهذا الطفل خمسة متبرعين يذهبون إلى المستشفى الذي يهتم بحاله ومقابلة الطبيب وذوي المريض".

قاعدة بيانات

ويكمل:
"ومن ثم سيتم تسجيل أسمائهم وأرقام هواتفهم وغيرها من معلومات،
والتنسيق بينهم بكيفية التبرع بحسب ملائمة كل متبرع،
على أن يكون الشخص الخامس احتياطياً، في حال تأخر أحد المتبرعين عن الحضور في الوقت المحدد".

وبين الجودي أن هذه الخدمة ستكون متوافرة هذا العام،
وما على المحتاجين من مستشفيات ومراكز وأولياء أمور الأطفال المرضى سوى إبلاغنا بفصيلة دم المحتاج إلى التبرع،
وعدد مرات حاجته للتبرع، واسم المستشفى الذي يعالج فيه.

ويضيف خلف:
"ما يثلج الصدر فعلاً هو حب الجميع لعمل الخير والتسابق له فلم يُعرض أي مبلغ مالي لزميلنا ياسر غفوري (خريج بكالوريوس تربية فنية)،
وإنما هو من ذاته وأصدقائه من مدينة مكة المكرمة أراد أن يكون منسقاً لمشروع تبنى التبرع بالدم لطفل مصاب.

حيث قام بالاتصال بأولياء أمور الأطفال المحتاجين وعمل قاعدة بيانات لهم ومن ثم البحث في موقع بنك الدم عن متبرعين
وإقناعهم بفكرة التبرع لطفل محتاج للدم بشكل دوري،
وكذلك ابن عمي (عبد الرحمن الجودي خريج بكالوريوس الإحياء) القائم بأعمال نشر الموقع الكترونياً بالتواصل
مع كثير من المنتديات والمواقع واطلاع الكثير من مرتادي الانترنت على فكرة الموقع وأهدافه وحثهم على التسجيل
ومساعدتهم في ذلك".

ولمزيد من المعلومات عن التجربة،
يمكن زيارة موقع بنك الدم
http://www.freeblood.com/


خلف الجودي أكد لنا في نهاية كلامه أن ما حركه لكل هذه الأفعال، هو الآية الكريمة:

"من أحياها، فكأنما أحيا الناس جميعًا




وأنت ما الذي فعلته لخدمة أخيك أو جارك أو صديقك.. وما الذي حركك لتفعل هذا.

احكوا لنا عن تجاربكم.






جزاهم الله خير ووفقهم الله