ثلاثة شهور بعد أزمة الكارتون: آراء أوروبية






مرت ثلاثة أشهر على الأزمة التي اندلعت حول الرسوم الكارتونية التي وصفت بالمسيئة للرسول. ولكن هناك بعض الأسئلة التي لا تزال عالقة.

كيف أثرت الأزمة على نظرة الأوروبيين للعلاقة مع المسلمين؟ هل وجدوا فيها دروسا مستفادة لتفادي أزمة مماثلة؟

أدناه مجموعة من آراء عدد من مواطني دول أوروبية حول الأزمة وانعكاساتها، كل حسب تجربته الخاصة.

كيت باستاد - درامين النرويج


الكثير من النرويجيين مثلي اعتقدوا أن الرسوم الكارتونية التي أعيد نشرها في الصحف النرويجية غير مسيئة للرسول محمد.

فنحن نطلق النكات علي المسيح في أوقات كثيرة، وهذا دليل على أننا لم نقصد علي الإطلاق الإساءة لمشاعر المسلمين.

قد يبدو هذا تبرير مني بعد ما سببته الرسوم من مظاهرات وعنف في الدول الإسلامية، ولكني مازلت أعتقد بعد انتهاء الأزمة بعدة أشهر أن ما حدث كان ناتجا عن سوء فهم.

وإذا أراد أحد أن يلخص مشاعرنا في النرويج تجاه رد فعل المسلمين حول الرسوم، فأستطيع أن أقول ذلك في كلمة واحدة: "الرعب".

عندما وقعت الاحتجاجات تذكرت 11 سبتمبر وتفجيرات لندن

فأنا شخصيا كنت خائفة لدرجة أنني عندما رأيت الناس يقتحمون السفارات ويتوعدون بالقتل بعد نشر الرسوم تذكرت أحداث 11 سبتمبر أو تفجيرات لندن، فمدينتي التي أعيش فيها وأسمها درامين يوجد بها عدد كبير من المهاجرين المسلمين.

كما أنني وبحكم عملي كمضيفة جوية علي الخطوط الجوية الاسكندينافية التي تتنقل بين مطارات عديدة، تملكني الرعب أيضا.

وهذا ما اضطرني إلي أن أتوقف عن حمل حقيبة سفري التي يوجد عليها علم النرويج أثناء تنقلاتي.

ولكن يمكنني أن أقول أن الأزمة، برغم كل ما جلبته من دمار واحتجاجات، جاءت بأثر إيجابي بالنسبة لي.

لقد ظهرت لدي أسئلة كثيرة أردت أن أعرف الإجابة عليها، أهمها لماذا تثير رسوم كارتونية التي تبدو بالنسبة لي عادية كل هذه المشاعر الغاضبة بين المسلمين؟

وذهبت إلى المكتبة للبحث عن كتب تجيب عن هذا السؤال وأخري تتحدث عن الإسلام.

ذهبت إلى المكتبة للبحث عن كتب تتحدث عن الإسلام

أما علي مستوي مدينتي، التي تعد أكبر مدينة في النرويج بسكانها الذي يبلغ عددهم 50 ألف شخص، فقد تغير الأمر أيضا.

ففي أثناء الأزمة، كان الآباء في المدينة خائفين من إرسال أولادهم إلى المدارس خشية تعرضهم لانتقام المهاجرين الغاضبين من نشر الصور.

أما الآن، فيعقد قوم زعماء الكنائس في المدينة وأعضاء من الجاليات المسلمة اجتماعات تهدف إلى التقارب وفهم ثقافي متبادل.

كما تم توجيه النصح للمعلمين في المدارس بأن يعطوا التلاميذ مزيدا من التفاصيل حول الإسلام كديانة.

إنها مفارقة بالفعل. فالتلاميذ الذين كانوا لا يريدون أن يذهبوا للمدرسة خشية تعرضهم للهجوم منى قبل السكان المسلمين أثناء أزمة الكارتون، صاروا يتلقون معلومات عن الإسلام بسبب نفس الأزمة.

اللوم لا يقع علينا وحدنا بعد أزمة الكارتون

كما ألتفت المسئولون في المدينة إلى الحاجة إلى دمج المسلمين في الأمور المتعلقة بإدارة المدينة، وهنا أقول أن اللوم لا يقع علينا وحدنا.

فالمهاجرون الأتراك أو الإيرانيون، مثلا، لديهم مقاهي تركية أو إيرانية للذهاب إليها ونحن لدينا الأماكن التي نذهب إليها.

بل أن بعض النساء في الجاليات المسلمة لا يتحدثن اللغة النرويجية رغم أنهم يعيشون في النرويج لسنوات طويلة.

بالإضافة إلى ذلك، كان بإمكان المسلمين في النرويج أن يقوموا بحملات في التلفزيون والصحف لإيضاح موقفهم بشأن الرسوم والتعريف بالإسلام الذي لم أكن أعرف شيئا عنه.

باختصار، لقد غيرت أزمة الرسوم الكثير.

لقد كنت مترددة في الذهاب بغرض السياحة إلي دول إسلامية أثناء أزمة الكارتون،

الآن، يجب أن أعيد تفكيري بعد التخلص من هذا التردد.



--------------------------------------------------------------------------------



كاسبر أسترب - مدينة ألبورج الدنمارك


كان من المؤلم بالنسبة لنا أن نشاهد علم الدنمارك يحترق خلال المظاهرات التي خرجت ضد الرسوم الكارتونية منذ عدة أشهر.

لماذا يوجه اللوم لكل الدنماركيين عن أفعال سببتها صحيفة واحدة وهي التي نشرت الرسوم الكارتونية.

لدي أصدقاء مسلمون لم تسبب الرسوم أي إساءة لهم، بل قبلوا اعتذار الصحيفة التي نشرتها رغبة في نهاية هذه الضجة التي أثيرت حولها.

بصراحة، لقد كان رد فعل المسلمين (خارج الدنمارك) تجاه نشر الرسوم قويا بشكل مبالغ فيه.

يبدو أنهم كانوا يعتقدون أن حكومتنا تستطيع أن تفعل أي شيء في هذا المجال وأن لها صلة بوسائل الإعلام، وهو ليس صيحا.

لا أريد لحرية التعبير الموجودة أن تعرقلها أية حدود مهما كانت

فالأمر يختلف في الدنمارك عن الكثير من الدول الإسلامية.

بالإضافة إلى ذلك، المسلمون في حاجة لأن يضعوا في اعتبارهم أن الصحيفة التي نشرت الرسوم قدمت اعتذارا، ناهيك عن إدانة رئيس الوزراء الدانماركي لنشرها.

بصراحة، لو وضعت نفسي مكان رئيس تحرير الصحيفة، لما كنت قررت نشر مثل هذه الرسوم، ولكني أقف بجانب الصحيفة إذا ما أصرت على موقفها. لا أريد لحرية التعبير الموجودة أن تعرقلها أية حدود مهما كانت.

فقد بدأ الأمر كله بنقاش داخل الدنمارك حول الصورة التي توصف المسلمين، ومن ثم طلب من الفنانين أن يعبروا عن ذلك في رسوم كارتونية.

أعتقد أن الأمر كله لا يتعدى سوء فهم. فأنا لا أري لماذا أعتبر الكثير من المسلمين خارج الدنمارك الرسوم مسيئة.



--------------------------------------------------------------------------------



كريستوفر لورد - فو فرنسا


مازال الكثير من المسلمين يعتقدون أن الدنمارك مشتركة في حملة صليبية ضد الإسلام، بل أن الأوروبيين بشكل عام يقضون وقت فراغهم في اهانة الرسول ورسم صور تسيء للإسلام.

والدليل علي صدق كلامي هو ما حدث مع سلمان رشدي (صاحب كتاب ايات شيطانية الذي صدرت في إيران فتوى بحل دمه).

رغم أن المظاهرات ضد رشدي توقفت منذ وقت طويل، إلا أن الملايين من المسلمين مازالوا يعتقدوا أن رشدي هو عدو الإسلام ويسعي جاهدا إلي تدمير الدين بأكمله.

وهكذا ساعدت "حرب الكارتون" الأخيرة على مزيد من الانحدار في مستوي العلاقات بين المسلمين والمسيحيين.

لا أحد خرج فائزا في هذا النزاع.

ضحايا المظاهرات ضد الكارتون ماتوا هباءا

فالأشخاص الذين راحوا ضحايا المظاهرات ضد الرسوم في نيجيريا وليبيا وباكستان وأفغانستان، والذي وصل عددهم إلي 139 شخصا، ماتوا هباء.

كما أن الصحف الغربية التي أعادت نشر الصور بشكل فيه كثير من النفاق لم تجن شيئا أيضا.

فمازال المسلمون المتدينون يشعرون بأن صورة نبيهم يجب ألا يتم تصويرها.

ومازالت المجتمعات الغربية المتحررة ترى أن الحساسيات الدينية يجب إخضاعها للقوانين الوضعية حتى لا يتم الابتعاد عن المخرمات الدينية في النهاية.



--------------------------------------------------------------------------------



إليزابيث هودي - لندن

لا توجد مجتمعات خالية من العيوب

في أزمة الكاريكاتير، أفتقد الطرفان إلى التسامح وفهم الثقافات المختلفة لكل منهما من ناحية، والاعتراف بأنه لا توجد مجتمعات خالية من العيوب من ناحية أخرى.

فالغرب ربما يظهر العديد من الاتجاهات السلبية، ولكن لديه ما يثير الإعجاب من حرية التعبير والمساواة، وكذلك ما يظهره من قدر كبير من العلمانية قد لا تفهمه المجتمعات التقليدية.

إلا أنني أرى أن نشر رسوم تسخر من (الرسول) محمد كان إجراءا مستفزا وغير ضروري ومسيئا لبعض المسلمين بدون شك، خاصة بعد أن قررت عدد من الصحف الأوروبية اعادة طبعها.

كما تعاطفت مع ردة فعل المسلمين تجاه نشر الرسوم ، إلا أنني أظن أن بعض رجال الدين المسلمين استغلوا ذلك لمصالحهم الشخصية بهدف إثارة مشاعر الكراهية ضد الغرب.

وأقدر في نفس الوقت موقف رؤساء تحرير الصحف الغربية الذين يخشون أن تكمم أفواههم ولا يستطيعون الحديث عما يدور بأذهانهم خاصة إذا كانت مقالاتهم لا تتخطي أي قوانين وضعية داخل دولهم.

بدأت أبحث عن أصول التشدد والمغالاة

عندما رأيت جموع المسلمين تقتحم السفارات وتشعل النيران في السفارات الغربية بدأت أبحث عن أصول التشدد والمغالاة.

أعتقد أن ما حدث له علاقة بمحاولة الحفاظ علي الموروثات الصارمة ومقاومة محاولات المساواة بين الرجل والمرأة (في الدول الإسلامية).

إذا سألتني هل تغيرت صورة العرب والمسلمين بعد انتهاء أزمة الرسوم منذ أكثر من شهرين، فإجابتي ستكون بلا.

أعتقد أن الخير والشر موجود في كل مجتمع منفتح كذلك الذي نعيش فيه.





أنظرbbc