جدة: ناهد أنديجاني
(( جريدة الشرق الأوسط ))
=========
حملت مجموعة من الفتيات السعوديات العاملات بأقسام العائلات في فروع محلات قزاز في مدينة جدة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأنها تقف وراء قرار تسريحهن من عملهن الشهر الماضي. مؤكدين أن القرار حمل صفة العقاب الجماعي ولم يستثن الغالبية منهن اللاتي كن ملتزمات بأداء عملهن وفق الضوابط الشرعية ومراعاتهن لتقاليد وعادات المجتمع.
وقالوا في أحاديث لـ«الشرق الأوسط» أنهم يشعرون بالقلق والخوف على مصير مستقبلهم الوظيفي. مشيرين الى أنهم قبلوا بالوظائف المتاحة كونها فرص العمل الوحيدة المتاحة أمامهن, وأن قبولهن له جاء تماشيا مع قرار مجلس الوزراء الداعي لخلق فرص وظيفية للمرأة السعودية, والقواعد المنظمة لعمل المرأة في القطاع الأهلي في السعودية التي تنفذه وزارة العمل. وأكدن على أن إدارة شركة قزاز كانت سعيدة بفتح المجال أمام عمل الفتيات السعوديات, وتعاملت معهن بكل مسؤلية، حيث حافظت على أن يستلم جميع الموظفات حقوقهن كاملة مع تزويدهن بشهادات خبرة عن الفترة التي عملوا فيها في معارض بيع المستلزمات النسائية في قسم العائلات. وهو ما أكده مصدر مسؤل في الشركة للجريدة.
مها حلواني، فتاة في العشرين من عمرها تخرجت من الثانوية العامة بنسبة لا تؤهلها لدخول الجامعة، وهي من أسرة تقف عاجزة أمام متطلبات أبنائها في مرات كثيرة، مما جعلها تبحث عن وظيفة باكرة تقول: «كنت أبحث عن الوظيفة لتكون مصدر دخل لي ولا أستطيع أن ادخر مصاريف الدراسة في الجامعة كطالبة انتساب لأوفر مصاريف المواصلات والملابس وغيرها، وقد وجدت فرصة العمل في إحدى فروع محلات قزاز بمرتب شهري يبلغ 2600 ريال في بيع الملابس النسائية الداخلية «اللانجري» والكريستالات والجلود والنظارات، وبنيت أحلاما كانت تراودني بين الحين والآخر سابقا وكنت كثيرا ما أبعثرها لأنها لن تتحقق، وللأسف شاركتنا والدتنا هذا الحلم».
وتقول حلواني أنها وغيرها من صديقاتها البالغ عددهن 50 فتاة قد فصلن معا في يوم واحد قبل نحو 3 أسابيع، بعد أن مارسن العمل لمدة شهر ونصف، وهي تؤكد بأنه لم يكن بسبب إداري أو تقاعس عن العمل, إنما بسبب رأي منسوب الى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جدة والتي رأت أن بعض هؤلاء الفتيات العاملات كن متبرجات وغير محافظات على حجابهن.
وتقول ريم حسن، وهي موظفة كانت تعمل في فرع شارع الحمراء في بيع اللانجري عن تفاصيل الحادثة «جاء مندوبي الهيئة مرة واحدة إلى فرعنا، وكنا ملتزمات بحجابنا، ومنذ البداية منعنا مسؤلي الشركة من وضع الماكياج بالرغم من أننا نعمل في محل تجميل، ولا ادري متى رأى مندوبي الهيئة أننا سافرات, حتى قامت بإتخاذ قرار فصلنا جميعا».
وتكمل ريم حديثها متعجبة من الطبيبات والمظيفات وغيرهن اللاتي يعملن إلى جانب الرجل ولا يفصلن من أعمالهن على غرار ما حدث معهن، قائلة «ذهبنا إلى إدارة الشركة من اجل الاستفسار عن سبب فصلنا الذي لم أصدقه، وكان جوابهم محدد بأن نقوم بقراءة الخطاب الذي أرسلته الهيئة للشركة، وكان فيه أن بعض العاملات لم يتقيدن بالحجاب, وأنهن يضعن مساحيق التجميل في وجههن، وبالطبع لم نقتنع بهذه الأسباب التي قطعت رزقنا وأحالتنا مرة أخرى إلى طابور البطالة والحاجة من جديد. وزادت إن أحد المسؤولين نقل لهم بأن مندوبي الهيئة هددوا الشركة بقولهم إما أن تمنعوا عمل الفتيات أو سنأخذهن بسيارت الهيئة عنوة!».
وتشاركها صديقتها التي اكتفت بالرمز إلى اسمها «ع. م» حول قضية فصلهن وتقول «الشركة ساعدتنا كثيرا، ويكفي أن سمعتها راقية، وصرفت لنا رواتب جيدة بل ممتازة حتى أنها عندما استغنت عنا أعطونا رواتبنا مع شهادة خبرة وحسن سيرة وسلوك، لكن لا ألوم سوى الجهة المتسببة في فصلنا. وقالت أنا أصرف على أولادي لأنني أرملة وكم فرحت بمرتبي، وجعلت صغاري يشاركوني الحلم في استمتاعهم بالإجازة الصيفية». ولا ترى أن تلك الأسباب تدعوا الشركة إلى فصل 50 موظفة دفعة واحدة لأنها كما تقول «إذا كانت هناك مشاكل أوأخطاء فإنه من الممكن حلها وعلاجها فرديا وليس جماعيا كما حدث معنا».
أما «ع. بافيل» والتي تركت وظيفتها في إحدى شركات التأمين لتعمل بشركة قزاز التي كانت سخية وكريمة مع الموظفات كثيرا تقول «في شركة التامين أعطوني لقبا كبيرا وراتبا لا يزيد عن 1500 ريال على عكس وظيفتي الجديدة الذي أعطتني وظيفة صغيرة, لكن براتب جيد يبلغ حوالي 3800 ريال».
بافيل فتاة جامعية متخصصة في قسم اقتصاد منزلي وتحمل دبلوم في الكومبيوتر واللغة الإنجليزية، كانت كالأخريات فرحة بوظيفتها التي كانت لبيع اللانجري للنساء، وكانت كما تقول «أرى الفرحة في وجوه الزبونات، وكن لا يحرجن من طلبهن لملابس ومستلزمات نسائية خاصة لا يفهمها الرجل»، ولا تر ما يعيب أو يحرم عملها لأنها كانت تخرج إلى عملها محتشمة».
وترى با فيل أن فصلهن كان قرارا ظالما، مشيرة الى أنه «حتى إذا أساءت فتاة أو اثنتين من العاملات بسلوكهن السيئ الشخصي، هذا لا يعني أن تقطع أرزاقنا جميعا».
|
 |
رد مع اقتباس
