كنا مجموعة من الزملاء وأنا مدعوين لمناسبة لدى أحد الأصدقاء وبينما كنا نتجاذب أطراف الحديث في اهتمامات شتى (وإن كانت ليست مهمة ) وإذا بشخص يبدوعلى ملامحه الإنهاك ويعلومحياه التعب يدخل مجلسنا وينضم إلينا واجماً ساكناً صامتاً إلا من سلام ألقاه دون الإلتفات لأحد وأحسبه لم يفطن لمن رد تحيته ومن ثم رمى بنفسه على أقرب أريكة وظل يحلق ببصره في فضاء صنعه لنفسه فأثار استغرابنا واستثار فضولنا في استطلاع أمره واستبيان حقيقته فتطوع أحدنا بالسؤال عن شخصية القادم الذي نجهله ولكن سؤالنا اصطدم بحاجز صمته فلم يعرالسائل أي اهتمام وكأنه لم يسمع قوله أو أنه انتقد تطفله ..ولم ينقذ الموقف سوى مضيفنا عندما قال هذا (سنِّمار).. ................ سنِّمارصاحب النعمان ؟؟!!! هكذا جاء الإستفهام من القوم وكأنه كان بمثابة الدافع الذي أطلق لسان الرجل للحديث ...فاعتدل في مجلسه ثم أطلق زفرة عميقة أعقبها بلحظة صمت طويلة ثم قال:
نعم أنا سنِّمار ولكنني لست صاحب النعمان فالأول كان أحسن حظاً مني فهو قد قُتل فقط !!!
قُتل فقط ؟؟!! نعم قُتل مرة واحدة واستراح وبقي تشييده حياً فكأنه بمثابة الروح التي بقيت تخليداً لصاحبها أما أنا فصاحبي لم يكن كالنعمان....فقد قتلني مرات عدة ...

القتلة الأولى :
عندما حطم بنياني الذي شيدت وكنت أرمقه كل يوم بفرح غامر وهو يتطاول ويعلو في السماء فكانت فرحتي به كفرحة الوالد بولده فجاء صاحبي وانتزعه من أساسه فهوى أمام ناظري مسبباً لي الحسرة والندامة ..


القتلة الثانية :

عندما أصدر حكمه الجائر على رفاقي الذين كان يشتد ساعدي بهم فألقى بهم في أتون النسيان وشتتهم في فجاج الأرض لايلوون على شئ ..

القتلة الثالثة :

عندما أطلق ألسن الشامتين الحاقدين وأقلامهم للنيل مني ومن أصحابي ولم يردعهم بقول أو فعل ..


فهل ترون أيها السادة من أفضلنا حظاً سنّمار صاحب النعمان أم أنا ؟؟؟
فنظر إليه القوم بشفقة ولسان حالهم يقول :
بل صاحب النعمان .

فقلنا له نستحلفك بالله من أنت فقد أثرت شجوننا وأرغمتنا على التعاطف معك ..فقال أنا سنِّمارصاحب العبيد ...

وحين شعر أننا لم نفهم قال :




















أنا من يطلقون عليه مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم

وعندها دعانا مضيفنا للمائدة المطروحة فانقطع الحديث وانفض السامر ...