[إخوتي رواد المنتدى هذه مادة وردت في الأثر عن المرأة التي لها أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل، ونحن الذين تعودنا أن نرخي ونزبد في اليوم بملايين الكلمات دون أن نوزن أهي خير أم شر:
قال عبد الله بن المبارك : خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر نبيه عليه الصلاة والسلام ،فبينما أنا في بعض الطريق .إذ بسواد فتميزت ذلك السواد فإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف . فقلت :السلام عليكم ورحمة الله .فقالت:{ سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ {
فقلت لها : يرحمك الله ما تصنعين في هذا المكان ؟ قالت : { وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }. فعلمت أنها ضالة عن الطريق . فقلت : أين تريدين ؟ .قالت : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى }. فعلمت أنها قد قضت حجها وتريد بيت المقدس فقلت : منذ كم هذا الموضع ؟ قالت : { ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا }. قلت : ما أرى معك طعاماً تأكلين ؟ . قالت: { وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ }. قلت :فبأي شيء تتوضئين ؟. قالت : { فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا } . قلت : إن معي طعاماً فهل لك في الأكل ؟ . قالت : { ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ } . قلت :ليس هذا شهر رمضان ؟. قالت : { وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } . قلت : قد أبيح لنا الإفطار في السفر ؟. قالت : { وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } . قلت : لم لا تتكلمي بمثل ما أكلمك ؟. قالت : { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }؟. قلت : من أي الناس أنت ؟. قالت : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }. قلت : قد أخطأت فاجعليني في حل ..قالت : { لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ } .قلت : فهل لك أن أحملك على ناقتي هذه فتدركي القافلة ؟ قالت : { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ }. فأنخت ناقتي فقالت : { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ } فغضضت بصري عنها وقلت اركبي . فلما أرادت أن تركب فرت الناقة فمزقت ثيابها . فقالت : { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } قلت : اصبري حتى أعقلها . قالت : { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ }فعقلت الناقة وقلت لها اركبي . فلما ركبت قالت : { سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ }.قال : فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسرع وأصيح . فقالت { وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ }. فجعلت أمشي رويداً رويداً وأترنم بالشعر . فقالت : { فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ }. فقلت لها : لقد أوتيت خيراً كثيراً . قالت : { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }. فلما مشيت بها قليلاً قلت : ألا زوج؟ قالت :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } . فسكت ولم أكلمها حتى أدركت بها القافلة. فقلت لها: هذه القافلة فمن لك فيها ؟ فقالت : { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } . فعلمت أن لها أولاداً فقلت : وما شأنهم في الحج ؟ قالت { وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } . فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت بها القباب والعمارات . فقلت : هذه القباب فمن لك فيها ؟. فقالت : { وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً{. }وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا{. }يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ }. فناديت : يا إبراهيم ،يا موسى ،يا يحيى ..فإذا أنا بشبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا . فلما استقر بهم الجلوس . قالت :{ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ } فمضى أحدهم فاشترى طعاماً فقدموه بين يدي. فقالت : { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ }. قلت: الآن طعامكم عليّ حرام حتى تخبروني بأمرها . فقالوا : هذه أمنا لها منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل فيسخط عليها الرحمن . قلت : { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}