الديمقراطية ، تشكل أسلوبا سحريا لتقدم الشعوب ، وقد يكون هذا الاعتقاد سليما لحد ما ، لكن سيتبعه شروط تتعلق بصناعة أدوات الديمقراطية نفسها ، وستبرز أسئلة فرعية حول استكمال هذا الفهم ، ليكون هناك ملامح تكون كهدف بعيد يقترب الجميع نحوه للوصول الى هذا الحل السحري ..

وقد يقترن مفهوم الديمقراطية بالعدالة ، ويصبح اعتقادا لدى الشعوب النامية ، فتنتقي نخبها و طلائعها النماذج السائدة بالعالم ، لتبشر بها مجرد تبشير ، دون معرفة الحيثيات التي وصلت بها تلك النماذج لما وصلت إليه ، فتصبح الأصوات المنادية تنادي بالمطالبة الى الوصول لعناوين هائمة غير معروفة المعالم ، مستفيدة من حالات البؤس السائدة لتجعل منها فهارس تدعم بها وجهات نظرها المتتالية ..

وبالمقابل ، تجد دعاة الإصلاح على النظم القائمة في دول العالم الثالث ، تحاول التقليل من أهمية السعي للديمقراطية ، بحجة أن الديمقراطية هي في طور الممارسة الفعلية ، ويذكر دعاة الإصلاح النماذج السائدة في أقطارهم أنها نماذج متكاملة ، ولا ينقصها إلا الالتفاف العام حولها ، وإن كان هناك أخطاء ما فهي أخطاء محدودة ، ممكن تجاوزها بسهولة !

ويتحصن هؤلاء الدعاة بالنماذج السائدة ، من مجالس برلمانية ، تصلح أن تكون ( ديكورات) لتزيين وجه النظم الحاكمة ، ويعتبرونها أنها تحقق مطالب الجمهور من المشاركة في صناعة النظام السياسي ..

إذا كانت الديمقراطية ، أو العدالة في أساليب اختيار الحكام ، ستوصل في النهاية الى العدالة فيما بين الناس المحكومين ، فإن البحث عن أشكال حكم قديمة تدلل للباحثين عن بدايات تأسيس النظم العادلة ، سيصطدم بادعاءات مختلفة هنا وهناك ، وسيقفز على صفحات الكتب أن اليونانيين أو الرومان هم أول من أسس لهذا النظام ، وهو ادعاء كاذب لا أساس له من الصحة ، لكن ما جعله أقرب للقبول ، هو المصطلح ( الديمقراطية) الذي أساسه أوروبي قديم ، ويعني ( حكم الشعب ) .