هذا مقياس لمعرفة الإحسـان من الإسـاءة
وهذا معيار لمعرفة ما إذا أحسنت أو ما إذا أسأت
وهذا المقياس وذلك المعيار جعله من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم
فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم فقال : كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت ؟
قال : إذا سمعتَ جيرانك يقولون أن قد أحسنت ، فقد أحسنت ، وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت ، فقد أسأت . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح
والإحسان إلى الجيران وصية رب العالمين
قال سبحانه وتعالى : ( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا )
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم صاحبه أبا ذر فقال : يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك . رواه مسلم .
وفي رواية له عن أبي ذر رضي الله عنه قال : إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ، ثم أنظر أهل بيت من جيرانك ، فأصبهم منها بمعروف .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة . رواه البخاري ومسلم .
والفِرْسَن : ما فوق الحافر .
وقالت عائشة رضي الله عنها : قلت : يا رسول الله إن لي جارين ، فإلى أيهما أُهدي ؟ قال : إلى أقربهما منك بابا . رواه البخاري .
وقد عظّـم النبي صلى الله عليه وسلم حق الجار حتى قَـرَنـَـه بالشرك بالله .
ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال : أن تجعل لله نداً ، وهو خلقك . قلت : إن ذلك لعظيم . قلت : ثم أي ؟ قال : وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك . قلت : ثم أي ؟ قال : أن تُزاني حليلة جارك . قال : ونزلت هذه الآية تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ )
ومما يدلّ على تعظيم حق الجار قوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه يوماً : ما تقولون في الزنا ؟ قالوا : حرمه الله ورسوله ، فهو حرام إلى يوم القيامة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره . فقال : ما تقولون في السرقة ؟ قالوا : حرمها الله ورسوله ، فهي حرام . قال : لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره . رواه الإمام أحمد .
وما ذلك إلا لأن الجار أدرى بمدخل جاره ومخرجه ، وألصق به ، بل ربما اطلع على عوراته ، وهو مأمور مع ذلك أن يُحسن إليه ، ويتعاهده لا أنه يتلمّس عثراته .
وإذا بلغت إساءة المسلم جاره دلّ على إساءته ، واستحق لعنة الخلق .
ولذا لما جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : يا رسول الله إن لي جارا يؤذيني ، فقال : انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق ، فانطلق فأخرج متاعه ، فاجتمع الناس عليه فقالوا : ما شأنك ؟ قال : لي جار يؤذيني ، فذكرت للنبي صلى الله عليه على آله وسلم فقال : انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق ، فجعلوا يقولون : اللهم العنه ، اللهم أخـزه ، فبلغه فأتاه فقال : ارجع إلى منـزلك فو الله لا أؤذيك . رواه الحاكم في المستدرك والبخاري في الأدب المفرد . وهو حديث صحيح .
وربما حبِط عمل المسلم أو المسلمة بسبب أذيته لجيرانه .
فقد قيل للنبي صلى الله عليه على آله وسلم : يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل ، وتصوم النهار ، وتفعل ، وتصّدّق ، وتؤذي جيرانـها بلسانـها ، فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : لا خير فيها هي من أهل النار . قيل : وفلانة تصلى المكتوبة وتصّدق بأثوار ولا تؤذي أحداً ، فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : هي من أهل الجنة . رواه الحاكم في المستدرك والبخاري في الأدب المفرد . وهو حديث صحيح .
وجار السوء مما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتّعوذ بالله منه
قال عليه الصلاة والسلام : تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام ، فإن جار البادي يتحول عنك . رواه النسائي .
منقول