رسالة إلى الجاهل / خالد الشيخ ـ الفنان البحريني

لقد وصفت أيها العاق الجاهل الغبي أبو البشر وأول الأنبياء آدم عليه الصلاة والسلام بالغباء ، وأنت والله العظيم الغبي والأغبى يا خالد ، ولو أنك تعلم مكانة آدم عليه الصلاة والسلام عند ربّه لما نطقت بهذه الكلمة ، ووصفت من ـ خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسكنه جنته وأسجد ملائكته له وعلمه الأسماء كلها ـ بالغباء 0

إن آدم هو أصل البشر ، وليس الفرع كالأصل 0

يا خالد يا جاهل يا غبي ، إن آدم عليه الصلاة والسلام هو السبب في مجيئك إلى هذه الدنيا وسبب لمجيء كل الناس 0 وهو مخلوق كريم كرمه الله وفضله على كثير ممن خلق 0 وقيل أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق بيده الكريمة ، أو لم يعمل بيده الكريمة إلا أربعة أشياء ، وما عدا ذلك من خلقه قال له كن فيكون 0 ومن تلك الأربعة خلقه لآدم عليه الصلاة والسلام بيده الكريمة تبارك وتعالى 0 وهو أول نبي نزل عليه كتاب من السماء 0 ويروى أن آدم عليه الصلاة والسلام هو الذي يدخل أهل الجنة الجنة ، ويدخل أهل النار النار ، فهو يعرف ذريته ، ويعرف من منهم يدخل الجنة ومن منهم يدخل النار 0 إن آدم عليه الصلاة والسلام عاش ألف سنة يعبد الله ولم يعصه قط ، إلاّ تلك المعصية الوحيدة ( وهي أكله من الشجرة التي نهاه الله أن يأكل منها وهو في الجنة ) وقد كان مكتوبا في علم الله سبحانه وتعالى أن يعصى آدم عليه الصلاة والسلام ربّه ، وتكون هذه المعصية السبب في خروجه من الجنة وهبوطه إلى الأرض لأن الله خلقه ليعيش في الأرض ، لا أن يعيش في الجنة ومصداق ذلك قوله تعالى في سورة البقرة : { إني جاعل في الأرض خليفة } ، ولم يقل سبحانه وتعالى : إني جاعل في الجنة خليفة 0 وقد روي أن موسى عليه الصلاة والسلام طلب من الله سبحانه وتعالى أن يجمعه بآدم عليه الصلاة والسلام ، فجمعه به ، فقال موسى : ( أنت آدم الذي اصطفاه الله وخلقه بيده وأسكنه جنته وأسجد ملائكته له ؟ فقال آدم : نعم ، فقال له موسى : فلماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟ فقال آدم عليه الصلاة والسلام : أنت موسى الذي اصطفاه الله بكلامه وأنزل عليه صحفه ؟ فقال موسى : نعم ، فقال : ألم تقرأ : { فعصى آدم ربّه فغوى } ، قال : بلى ، قال آدم عليه الصلاة والسلام : فلماذا تلومني على أمر قد كتبه الله عليّ قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ؟ فحجّ آدم موسى ، أي كسب الحجة ، ولم يستطع موسى أن يتكلم 0 والقصة بأكملها ومعانيها موجودة في البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله ، وفي البخاري أيضا 0 إن آدم لا يوازيه في الفضل أي إنسان حتى الأنبياء والرسل ، وإن كانت لنبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم خصائص وفضائل ومقام يفضل به جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ، إلا أن آدم عليه الصلاة والسلام يبقى الأصل 0

ومن خصائص آدم عليه الصلاة والسلام أنه عاش ألف سنة ولم يهرم ولم يتغير شكله ولم يتجعد وجهه ولم يظهر الشعر في وجهه أو جسمه ولم يشيب وبقي على شكله الذي خلقه الله عليه ألف سنة 0 وقيل هو الذي بنى البيت الذي في الأرض ، قبلة المسلمين ( الكعبة المشرفة ) وهو أول من عبد الله وأول من صلى وأول من حج 0 وفضائله وخصائصه ومقامه ومكانته لا يعلمها ويعرفها ويحصيها إلا ربّه سبحانه وتعالى 0

خالد أيها الجاهل الغبي : لقد اعتديت على أبي البشر أول الأنبياء وأبوهم وأصلهم بمقولتك الغبية ، وما تدري أنك أتيت عظيما وزورا وبهتانا 0 فتب إلى الله واستغفر لذنبك إنك كنت من الخاطئين 0 هذا والله أعلى وأعلم وهو ولي الصالحين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين 0