التسول :
حب المال غريزة في نفس الإنسان ،فهو يحبه حبا جما لقوله تعالى : (( وتحبون المال حبا جما )) أي حبا كثيرا زاد بعض العلماء فاحشا 0ويقول تعالى : (( وإنه لحب الخير لشديد )) ويقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام : (( لوكان لإبن آدم واديان من ذهب لأبتغى إليهما ثالثا ،ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ))0
ولم ينهي الله أو يحذر أو يوبخ من جمع المال بالطرق المشروعة ، بل حثه على السعي في مناكب الأرض من أجل كسبه ،شريطة ألا ينسيه ذلك ذكر الله سبحانه وإقامة الصلاة وتربية الأبناء وتنشئتهم النشأة السليمة 0أما جمع المال بالطرق غير المشروعة فسوف يحاسب عليها حسابا شديدا 00ولن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ومنها ، ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه إلى آخر ما ذكر في الحديث الشريف 0
وأصبح في الأيام هذه كثير من الناس يجمعون المال بطرق غير مشروعة ويتحايلون على الناس ويمثلون عليهم ويستخدمون ذكاءهم وفطنهم ولغة أجسادهم حتى يأخذوا أموال الناس ، وهم يحسبون أنهم قد فعلوا أمرا يحمدون عليه حينما استولوا على أموال الناس 0ومن أسهل الطرق اليوم لجمع المال هي عملية ((التسول))والتي أصبحت في هذه الأيام ظاهرة من أكبر وأعظم الظواهر الاجتماعية –السلبية طبعا-وانتشرت بشكل يدعو للخوف والقلق والحيرة ، ولا تجد مدينة أو محافظة أو قرية أو هجرة إلا وفيها متسولين 00ولقد ذهبت إلى كثير من مدن وقرى وطني الحبيب ووجدت هذه الظاهرة 0 وهم من بعض المتخلفين أو الوافدين إلى هذه البلاد بطرق نظامية أو غير نظامية ،وتجد كثير منهم بهم عاهات جسدية أو حسية وتشوهات خلقية00ومما يزيد النفس ألما على الألم الذي تعايشه من جراء ممارسة التسول هو قيام أطفال صغار بالتسول وآباؤهم أو أمهاتهم بالقرب منهم يحثونهم على متابعة ذلك الشخص وطلبه أن يعطيه صدقة وتسمع من هؤلاء الأطفال كلاما ودعوات لا يستطيع الكبار أن ينطقوا بها ،ولكنهم قد تعلموها وحفظوها وأجادوها إضافة إلى استخدامهم للغة الجسم من انكسار في العيون وحزن وأسى ووجوم باد على الوجوه وتخشب في بعض أجزاء الجسم 00ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 0وإذا كان هؤلاء الأطفال أصبحوا يمارسون الاحتيال والابتزاز وماهرين فيه بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف ، فكيف بالله سيكون هؤلاء عندما تكون أعمارهم في العشرينات فاكثر ؟ااا 0 وهل سيكون هؤلاء الأطفال الذين أعمارهم بين الخمس سنوات إلى عشر سنوات رجالا أسوياء في مقتبل العمر ؟ وهل سيخدمون مجتمعهم أم أنهم سيكونون عالة ووباء لهذا المجتمع وأداة هدم له حينما لا يستطيعون خدمة أنفسهم أو خدمة مجتمعهم لأنهم تربوا وتعودوا على الأخذ دون العطاء وبطرق الاحتيال والمكر والخديعة 0 فلابد من وقفة أمام هؤلاء المتسولين وخاصة الأطفال لمصلحتهم ومصلحة مجتمعهم وعدم تعويدهم على الأخذ دون العطاء 0