حقائق النوم والأحلام :
برغم أن الإنسان يقضي حوالي ثلث حياته نائماً، إلا أن الأكثرية لا يعرفون الكثير عن النوم. هناك اعتقاد سائد بأن النوم عبارة عن خمول في وظائف الجسم الجسدية والعقلية يحتاجه الإنسان لتجديد نشاطه. والواقع المثبت علمياً خلاف ذلك تماماً، حيث أنه يحدث خلال النوم العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ والجسم بصفة عامة وليس كما يعتقد البعض. بل على العكس، فإن بعض الوظائف تكون أنشط خلال النوم كما أن بعض الأمراض تحدث خلال النوم فقط وتختفي مع استيقاظ المريض. وتعتبر هذه المعلومات والحقائق العلمية حديثة في عمر الزمن، حيث أن بعض المراجع الطبية لم تتطرق إليها بعد.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا يحدث خلال النوم؟
النوم ليس فقداناً للوعي أو غيبوبة وإنما حالة خاصة يمر بها الإنسان، وتتم خلالها أنشطة معينة. عندما يكون الإنسان مستيقظاً فإن المخ يكون لديه نشاطاً كهربائياً معيناً، ومع حلول النوم يبدأ هذا النشاط بالتغير ودراسة النوم تساعدنا على تحديد ذلك تحديداً دقيقاً. فالنائم يمر خلال نومه بعدة مراحل من النوم لكل منها دورها. فهناك المرحلة الأولى والثانية، ويكون النوم خلالهما خفيفاً ويبدآن مع بداية النوم. بعد ذلك تبدأ المرحلة الثالثة والرابعة، أو ما يعرف بالنوم العميق، وهاتان المرحلتان مهمتان لاستعادة الجسم نشاطه، ونقص هاتين المرحلتين من النوم ينتج عنه النوم الخفيف غير المريح والتعب والإجهاد خلال النهار. وبعد حوالي التسعين دقيقة تبدأ مرحلة الأحلام أو ما يعرف بمرحلة حركة العينين السريعة، وتحدث الأحلام خلال هذه المرحلة، وهذه المرحلة مهمة لاستعادة الذهن نشاطه. والمرور بجميع مراحل النوم يعرف بدورة نوم كاملة. وخلال نوم الإنسان الطبيعي (6-8 ساعات) يمر الإنسان بحوالي 4-6 دورات نوم كاملات.

والأحلام هي : عالم فريد يدخله النائم ، أسراره أكثر بكثير مما هو معلوم عنه وحتى هذا المعلوم نفسه مازال مثار اختلافات وجدل بين العلماء فبالرغم من أن اكتشاف نوم حركة العين السريعة واختراع مختبر النوم الذي يسجل نشاط المخ وبقية أجهزة الجسم أثناء النوم بالرغم من أن ذلك مكن العلماء من دراسة النوم بطريقة علمية إلا أن ما تم فهمه بالفعل قليل فمثلا هناك من يتذكر أحلامه وهناك من لا يتذكر منها شيئا وهناك من نسمعه يقول أنا لا أحلم مع أن كل الناس يحلمون حوالي ساعتين أو أكثر كل ليلة نوم! لكن ليس كل ما نحلم به نتذكره ويبدو أننا لا نتذكر إلا القليل!هناك أيضا ما يحدث من تغير في إحساس الحالم بالزمن وبالمكان فقد ثبت أن ما يستغرق ثواني معدودة في الحقيقة يكون حلما مدته ساعات!!! ومألوف أيضا أن يستطيع الحالم فعل أشياء لا يستطيع فعلها وهو في حالة اليقظة وكذلك من يراهم في الحلم تكون لهم قدرات تفوق العادية بكثير، ويتغير الزمان والمكان بشكل لا يمكن أن يحدث في حياة الصحو التي نعيشها كل هذه أسرار ما تزال غير مفسرة ! ربما كان من الطرائف التي فسرت بشكل منطقي إلى حد كبير أن النائم يدخل المنبهات التي تحدث حوله في نسيج من الحلم الذي قد يبدأ فعليا عند حدوث المنبه ولكن الإنسان الحالم يحكي لك قصة طويلة وأنها حدثت منذ فترة زمنية طويلة فمثلا عندما يدق رنين الساعة لكي يستيقظ النائم في وقت معين وهو في مختبر النوم ثم يتم إيقاظ النائم الذي تجرى عليه التجربة يحكي لنا عندما يفيق حكاية طويلة عريضة عن حريق كبير في منزل مجاور وعن هبوب أخينا لنجدة جيرانه وعن تعرضه للسعات من النار ثم أخيرا يسمع صوت عربة المطافئ ثم يجد نفسه مستيقظا وصوت عربة المطافئ هو في الحقيقة صوت المنبه!! ما حدث هنا هو أن المخ يحاول الحفاظ على النوم بكل شكل ممكن فلكي يستمر صوت المنبه في الرنين ويستمر النائم في النوم حدث الحلم! هذه بالطبع إحدى وظائف الحلم وهناك وظائف أخرى أكثر شهرة عند الناس مثل أن يحقق النائم أمنية أو رغبة في نفسه لا يستطيع تحقيقها في حالة الصحو وكلها تفسيرات يقبلها المنطق ولا يعلم صحتها أحد غير الخالق عز وجل !
*أما حكاية الحلم الملون والحلم الأبيض والأسود إذا صح التشبيه فليست بين يدي دراسات تؤدي إلى نتيجة محددة وقد يحلم الواحد بالألوان أحيانا وبالأبيض والأسود أحيانا أخرى، وأما عن الأحلام في الشخص الكفيف فمرة أخرى أقول أن لا دراسات في هذه النقطة تحديدا بين يدي لكن الأحلام هي خيالات تنشأ في المخ ولا علاقة لها بقدرة العين على الرؤية من عدمها فالحالم يرى بعقله وليس بعينيه. وربما يفيد هنا أن أبين أن النوم ليس حالة واحدة كما يتضح من تخطيط النشاط الكهربي للمخ فهناك أولا نوعان من النوم أحدهما لا تصاحبه حركات سريعة للعينين ويقسم إلى أربعة مراحل الأول والثانية منها يمكن وصفهما بالنوم الخفيف والثالثة والرابعة بالنوم العميق وهناك كذلك نوم حركة العين السريعة وهو الذي تحدث فيه الأحلام بصورة أكثر بكثير من النوع الآخر ونوم حركة العين السريعة يصاحبه ارتخاء تام في كل عضلات الجسد، وعلى العكس زيادة شديدة في نشاط عضلات العينين وتغير في الكثير من وظائف أجهزة الجسم فمثلا يحدث انتصاب في العضو الذكري في الذكور وزيادة في إفرازات المهبل في الإناث، ويتم تنظيم الذاكرة والكثير غير ذلك!
*وأما عن متى يحدث نوم حركة العين السريعة فإن المرة الأولى لحدوثه بعد الدخول في النوم تكون بعد حوالي 90 دقيقة من النوم وتتوالى بعد ذلك مرات حدوثه وتطول مدتها بالتدريج بحيث تكون كثافة نوم حركة العين السريعة أكبر في الثلث الأخير من الليل ولذلك كثيرا ما يوقظنا الأهل في الصباح ونحن نحلم! وقد أظهرت مختبرات النوم أن النائم يمر خلال نومه بالمراحل التالية وبالترتيب التالي:
مرحلة 1: الدخول في النوم ويشبه تخطيط الخ فيها تخطيط الإنسان المسترخي .
مرحلة 2: ويبدأ فيها التغير في النشاط الكهربي للمخ.
مرحلة 3: وفيها يبدأ ظهور ما يسمى بالموجات البطيئة.
مرحلة 4: وتكون فيها الموجات البطيئة كثيفة جدا.
ثم بعد ذلك نعود إلى مرحلة 3 ثم مرحلة 2 ثم أول دورة لنوم حركة العين السريعة ثم مرحلة 2 ثم مرحلة 3 ثم 4 ثم 3 ثم 2 ثم الدورة الثانية لنوم حركة العين السريعة وهلم جرا .
ما عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان الطبيعي؟

يتفاوت عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان الطبيعي تفاوتاً كبيراً من شخص إلى آخر. ولكن المؤكد أن عدد الساعات التي يحتاجها نفس الشخص تكون ثابتة دائماً. فبالرغم من أن الإنسان قد ينام في أحد الليالي أكثر من ليلة أخرى إلى عدد الساعات التي ينامها الشخص خلال أسبوع أو شهر تكون عادة ثابتة.

يعتقد كثير من الناس أن عدد ساعات النوم اللازمة يومياً هو ثمان ساعات. وإذا أردنا الدقة أكثر فإن أغلب الأشخاص ينامون من 7-7.5 ساعات يومياً. وهذا الرقم هو متوسط عدد الساعات لدى أغلب الناس ، ولكنه لا يعني بالضرورة أن كل إنسان يحتاج ذلك العدد من الساعات. فنوم الإنسان يتراوح بين أقل من ثلاث ساعات لدى البعض إلى أكثر من 10 ساعات لدى البعض الآخر.

وفي دراسة للمركز الوطني للإحصاءات الصحية بالولايات المتحدة الأمريكية، وجد أن اثنين من كل عشرة أشخاص ينامون أقل من 6 ساعات في الليلة ، وواحد من كل عشرة ينام 9 ساعات أو أكثر في الليلة. ويدعى الأشخاص اللذين ينامون أقل من 6 ساعات بأصحاب النوم القصير، واللذين ينامون أكثر من 9 ساعات بأصحاب النوم الطويل، ولكنهم طبيعيون. فنابليون وأديسون كانا من أصحاب النوم القصير. في حين أن العالم آينيشتين كان من أصحب النوم الطويل. بمعنى أن عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان إذا كان طبيعياً ولا يعاني من أحد أمراض النوم لا تؤثر على إنتاجيته وإبداعه.

وخلاصة القول أن عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان تختلف من شخص إلى آخر، فالكثير يعتقدون بأنهم يحتاجون إلى ثمان ساعات نوم يومياً. وأنه كلما زادوا من ساعات النوم كلما كان ذلك صحياً أكثر، وهذا اعتقاد خاطئ. فعلى سبيل المثال إذا كنت تنام لمدة خمس ساعات فقط بالليل وتشعر بالنشاط في اليوم التالي فإنك لا تعاني من مشاكل ونقص النوم.


هل يتغير النوم مع تقدم السن؟

مع نمو الأطفال فإن نومهم يتغير تدريجياً (راجع معلومات النوم عند الأطفال). ولكن ما إن يصل المرء إلى مرحلة البلوغ (وأقصد بها عنا حوالي العشرين عاماً من العمر) فإن عدد ساعات النوم التي يحتاجها الجسم لا تتغير مع تقدم العمر، ولكن في المقابل فإن طبيعة وجودة النوم تتغير كلماً تقدم بنا العمر. فعند كبار السن يصبح النوم خفيفاً وأقل فعالية وأقل راحة، ذلك كله بالرغم من عدم تغير ساعات النوم. والسبب في ذلك يعود إلى أن نسبة كل مرحلة من مراحل النوم السابقة تتغير مع تقدم السن.

فعندما يبلغ الرجل حوالي سن 50 سنة والسيدة حوالي 60 سنة، فإن نسبة النوم العميق (مرحلة 3-4) تكون قد وصلت عادة إلى نسبة بسيطة جداً من وقت النوم، وعند البعض قد تختفي تماماً. فتجد الأشخاص في هذا السن أسرع استيقاظاً نتيجة للضوضاء الخارجية مقارنة بصغار السن. فبالرغم من عدم التغيير الكبير في عدد ساعات النوم مع تقدم السن إلا أن طبيعة النوم تختلف، فيصبح النوم خفيفاً ومتقطعاً طوال الليل، وهذا أحد أسباب النعاس خلال النهار الذي يصيب الكثير من كبار السن.