ابهرني هاذا الشاعر
(مهدي بن أحمد الحكمي)
الكون قام هنا خطيبا منشدا
والدهر من فرط المسرة رددا
واهتزت الدنيا فكل مدينة
شفة تبوح وكل ضاحية صدى
الارض غير الارض، سهلا ضاحكا
وربى مهفهفة وبحرا مزبدا
والناس غير الناس، شوقا لاهبا
للقاء بان كم اضاف وجددا
أهلا حبيب الشعب فانزل بيننا
فهواك أتهم في القلوب وانجدا
يا خادم الحرمين دمت لنا ابا
برا، وعشت اليوم فينا سيدا
وافيت كالجبل الأشم تقاصرت
عنه الجبال فبان عنها مفردا
وطلعت مثل الصبح فانثال السنا
من وجهك الوضاح وانساب الهدى
فلأنت بين الزهر والورد الشذى
ولأنت فوق الفل والكاذي ندى
يا خادم الحرمين جازان اكتست
ثوب الجمال وأنجزتك الموعدا
منحتك بيعتها وخفقة قلبها
واستشرفت منك الزمان الاسعدا
هذي الحشود يضيق عن توصيفها
شعري كما عن جمعها ضاق المدى
جاءتك يحدوها الهوى، ويشدها
وجد لمن ملك الطلى والأكبدا
لو شئت أنعت ما أرى قلت: الضحى
أضفى على جازان ضوءا سرمدا
أو شئت قلت: الغيث في زخاته
بشرى اذا لمس الرمال الهمدا
أو قلت: هاتيك الجموع- وبعضها
في بعضها- (خبر) وأنت (المبتدا)
تاقت لرؤيتك العيون فأبصرت
وهجا يضيء لها الطريق الأبعدا
فكأن دربا كان قبلك مبهما
وكأن طرفا كان قبلك أرمدا
صقر العروبة أنت. لملم شملها
وأقم لها في كل شبر سؤددا
عقدت بك الآمال فابعث فجرها
متوثبا متوقدا متجددا
(الأمس) في يمناك عزا شامخا
(واليوم) في يسراك مجدا أتلدا
(وغدا) يلوح وأنت فارس حلمه
ومحابر التاريخ تنتظر الغدا
ما زلت تغمرنا بفضلك سيدي
ما زلت فينا المانح المسترفدا
من أجل عين الشعب بدلت الأسى
فرحا وصيرت الحجارة عسجدا
فجرت ينبوع العطاء بمنحة
ردت أخا الستين طفلا أمردا
وأزحت ليل الفقر فانجاب الدجى
عنا، وواسيت الكسير المجهدا
وغذوت شعبك ما استطاب ولذّ في
فمه فعهدك ما ألذ وأبردا
ومسحت دمعات اليتيم، أبوه في
ساح الوغى يوم الفداء استشهدا
وفقك الله ياشاعرنا الكبير لمايحب ويرضى