خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن محزوم القرشي المخزومي سيف الله أبو سليمان أمه لبابة الصغرى بنت الحارث بن حرب الهلالية وهي أخت لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب وهما أختا ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم كان أحد أشراف قريش في الجاهلية وكان إليه أعنة الخيل في الجاهلية وشهد مع كفار قريش الحروب إلى عمرة الحديبية 0كما ثبت في الصحيح أنه كان على خيل قريش طليعة ثم أسلم في سنة سبع بعد خيبر وقيل قبلها ووهم من زعم أنه أسلم سنة خمس قال بن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس عن حبيب حدثني عمرو بن العاص من فيه قال خرجت عامدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبل الفتح وهو مقبل من مكة فقلت أين تريد أبا سليمان قال أذهب والله أسلم فحتى متى قلت وما جئت إلا لأسلم فقدمنا جميعا فتقدم خالد فأسلم وبايع ثم دنوت فبايعت ثم انصرفت ثم شهد غزوة مؤتة مع زيد بن حارثة فلما استشهد الأمير الثالث أخذ الراية فانحاز بالناس وخطب النبي صلى الله عليه وسلم فأعلم الناس بذلك كما ثبت في الصحيح وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة فأبلى فيها وجرى له مع نبي خزيمة ما جرى ثم شهد حنينا والطائف في هدم العزى 0وله رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما روى عنه بن عباس وجابر والمقدام بن معد يكرب وقيس بن أبي حازم وعلقمة بن قيس وآخرون وأخرج الترمذي عن أبي هريرة قال نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فجعل الناس يمرون فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا فأقول فلان حتى مر خالد فقال من هذا قلت خالد بن الوليد فقال نعم عبد الله هذا سيف من سيوف الله رجاله ثقات وأرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى أكيدر دومة فأسره 0ومن طريق أبي إسحاق عن عاصم عن أنس وعن عمرو بن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد إلى أكيدر دومة فأخذوه فأتوا به فحقن له دمه وصالحه على الجزية وأرسله أبو بكر إلى قتال أهل الردة فأبلى في قتالهم بلاء عظيما ثم ولاه حرب فارس والروم فأثر فيهم تأثيرا شديدا وفتح دمشق وروى يعقوب بن سفيان من طريق أبي الأسود عن عروة قال لما فرغ خالد من اليمامة أمره أبو بكر بالمسير إلى الشام فسلك عين التمر فسبي ابنة الجودي من دومة الجندل ومضى إلى الشام فهزم عدو الله واستخلفه أبو بكر على الشام إلى أن عزله عمر فروى البخاري في تاريخه من طريق ناشرة بن سمى قال خطب عمر واعتذر من عزل خالد فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عزلت عاملا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعت لما رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنك قريب القرابة حديث السن مغضب لابن عمك 0وقال بن أبي الدنيا حدثني أبي حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن قتادة قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى العزي فهدمها وقال أبو زرعة الدمشقي حدثني علي بن عباس حدثنا الوليد حدثني وحشي عن أبيه عن جده أن أبا بكر عقد لخالد بن الوليد على قتال أهل الردة فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على الكفار 0وقال أحمد حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال استعمل عمر أبا عبيدة على الشام وعزل خالد بن الوليد فقال خالد بعث عليكم أمين هذه الأمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله فقال أبو عبيدة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خالد سيف من سيوف الله نعم فتى العشيرة وروى أبو يعلى من طريق الشعبي عن بن أبي أوفى رفعه لا تؤذوا خالدا فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار ومن طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم أخبرت عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وقال سعيد بن منصور حدثنا هشيم حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه أن خالد بن الوليد فقد قلنسوته يوم اليرموك فقال اطلبوها فلم يجدوها فلم يزل حتى وجدوها فإذا هي خلفه فسئل عن ذلك فقال اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه فابتدر الناس شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة فلم أشهد قتالا وهي معي إلا تبين لي النصر ورواه أبو يعلى عن شريج بن يونس عن هشيم مختصرا وقال في آخره فما وجهت في وجه إلا فتح لي 0وفي الصحيحين عن أبي هريرة في قصة الصدقة فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن خالدا احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله وفي البخاري عن قيس بن أبي حازم عن خالد بن الوليد قال لقد اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما صبرت معي إلا صفيحة يمانية وقال يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر لما قدم خالد بن الوليد الحرة أتى بسم فوضعه في راحته ثم سمى وشربه فلم يضره رواه أبو يعلى ورواه بن سعد من وجهين آخرين 0وروى بن أبي الدنيا بإسناد صحيح عن خيثمة قال أتى خالد بن الوليد رجل معه زق خمر فقال اللهم اجعله عسلا فصار عسلا وفي رواية له من هذا الوجه مر رجل بخالد ومعه زق خمر فقال ما هذا قال خل قال جعله الله خلا فنظروا فإذا هو خل وقد كان خمرا وقال بن سعد أخبرنا محمد بن عبيد الله حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن زياد مولى آل خالد قال خالد عند موته ما كان في الأرض من ليلة أحب إلي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو فعليكم بالجهاد وروى أبو يعلى من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال قال خالد ما ليلة يهدي إلي فيها عروس أنا لها محب وأبشر فيها بغلام أحب إلي من ليلة شديدة الجليد فذكر نحوه ومن هذا الوجه عن خالد لقد شغلني الجهاد عن تعلم كثير من القرآن وكان سبب عزل عمر خالدا ما ذكره الزبير بن بكار قال كان خالد إذا صار إليه المال قسمه في أهل الغنائم ولم يرفع إلى أبي بكر حسابا وكان فيه تقدم على أبي بكر يفعل أشياء لا يراها أبو بكر أقدم على قتل مالك بن نويرة ونكح امرأته فكره ذلك أبو بكر وعرض الدية على متمم بن نويرة وأمر خالدا بطلاق امرأة مالك ولم ير أن يعزله وكان عمر ينكر هذا وشبهه على خالد وكان أميرا عند أبي بكر بعثه إلى طليحة فهزم طليحة ومن معه ثم مضى إلى مسيلمة فقتل الله مسيلمة 0قال الزبير وحدثني محمد بن مسلم عن مالك بن أنس قال قال عمر لأبي بكر اكتب إلى خالد لا يعطي شيئا إلا بأمرك فكتب إليه بذلك فأجابه خالد إما أن تدعني وعملي وإلا فشأنك بعملك فأشار عليه عمر بعزله فقال أبو بكر فمن يجزى عني جزاء خالد قال عمر أنا قال فأنت فتجهز عمر حتى أنيخ الظهر في الدار فمشى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقالوا ما شأن عمر يخرج وأنت محتاج إليه وما لك عزلت خالدا وقد كفاك قال فما أصنع قالوا تعزم على عمر فيقيم وتكتب إلى خالد فيقيم على عمله ففعل فلما قبل عمر كتب إلى خالد ألا تعطي شاة ولا بعيرا إلا بأمري فكتب إليه خالد بمثل ما كتب إلى أبي بكر فقال عمر ما صدقت الله إن كنت أشرت على أبي بكر بأمر فلم أنفذه فعزله ثم كان يدعوه إلى أن يعمل فيأبى إلا أن يخليه يفعل ما شاء فيأبى عمر قال مالك وكان عمر يشبه خالدا فذكر القصة التي ستأتي في ترجمة علقمة بن علاثة قال الزبير ولما حضرت خالدا الوفاة أوصى إلى عمر فتولى عمر وصيته وسمع راجزا يذكر خالدا فقال رحم الله خالدا فقال له طليحة بن عبيد الله
لا أعرفنك بعد الموت تندبني
وفي حياتي ما زودتني زادي
فقال عمر إني ما عتبت على خالد إلا في تقدمه وما كان يصنع في المال
مات خالد بن الوليد بمدينة حمص سنة إحدى وعشرين
وقيل توفي بالمدينة النبوية 0 وقال بن المبارك في كتاب الجهاد عن حماد بن زيد حدثنا عبد الله بن المختار عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل ثم شك حماد في أبي وائل قال لما حضرت خالدا الوفاة قال لقد طلبت القتل مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي وما من عملي شيء أرجى عندي بعد أن لا إله إلا الله من ليلة بتها وأنا متترس والسماء تهلني تمطر إلى صبح حتى نغير على الكفار ثم قال إذا أنا مت فانظروا في سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله
فلما توفي خرج عمر إلى جنازته فقال ما على نساء آل الوليد أن يسفحن على خالد دموعهن ما لم يكن نقعا أو لقلقة قلت فهذا يدل على أنه مات بالمدينة وسيأتي في ترجمة أمه لبابة الصغرى بنت الحارث ما يشيده ولكن الأكثر على أنه مات بحمص والله أعلم 0
المرجع / الإصابة لابن حجر