الإجرام


معنى الإجرام :
الجريمة في القانون هي : كل فعل أو امتناع عن فعل يحرمه القانون ويعاقب عليه 0 وللجريمة أنواع ومستويات ، ولكل منها عقوباتها الخاصة 0 ويدرسها علم العقوبات 0 ومنها الجنايات وهي أخطر الأنواع ، ومنها الجنح وهي أقل خطورة ويعاقب عليها بالغرامات أو السجن 0 وهناك المخالفات وهي أخف الجنح 0 وكثيرا ما تقسم الجرائم استنادا إلى أثارها على الضحايا ومنها : القتل ، والإعتداء ، والإغتصاب ، وجرائم الاعتداء على الممتلكات ، مثل : السرقة ، والتزوير ، وجرائم ضد النظام العام ، مثل : الدعارة ، والمقامرة ، والسكر 0
إن بحث الصحة النفسية لا يقف عند حدود هذه التصنيفات ، لأن الإجرام قد يقع خطأ ، وقد يكون عارضا ، وفي هاتين الحالتين لا يعبر عن نفسية المجرم ، والذي يعكس نفسية المجرم هو الإجرام الذي ينطوي على عدوان على الجماعة في أمنها واستقرارها ، والذي يتكرر وينطوي ذلك على اضطراب نفسي 0
إن ارتكاب الجرم ، وتكراره ، والاضطراب الذي يعانيه المجرم هي المحكات الثلاث المتفاعلة في حديثنا عن المجرم السيكوباثي 0
• تعريف المجرم :
هو الشخص الذي يرتكب فعلا يعاقب عليه القانون ، ويتكرر فعله هذا ، وينطوي على اضطراب نفسي ، لأنه شخصية مريضة سيكوباثية 0
وإذا ارتكب الراشد هذا الفعل يدخل في نطاق الإجرام ، أما إذا ارتكبه الحدث فإنه يدرس في نطاق جنوح الأحداث ، وليس في نطاق الإجرام 0
• صفات المجرم :
للمجرم وبالذات المجرم المحترف المريض ( السيكوباثي ) صفات عديدة وهي :
1ـ العجز الدائم عن التكيف الاجتماعي ، والعجز عن الامتثال لقيم المجتمع وقوانينه 0
2ـ إن نسبة الذكاء عنده تقع في المجتموسط أو فوق المتوسط ، على الرغم أن هذا لا يعني سببا من أسباب سلوكه 0
3ـ يحب الاختلاط وجذاب وله علاقات اجتماعية جيدة ، وهي في الظاهر ولكن عند معاشرته ولاختلاط به يظهر عكس ذلك ، حيث لا يحسب لمشاعر الآخرين أي حساب ولا يحافظ على مواعيده ويتعمد إهانة الآخرين 0
4ـ يفتقر إلى قيم الأنا الأعلى ( الضمير ) وهو لا يشعر بالذنب عندما يقوم بأي فعل سيء 0
5ـ لا يقر بأي مسؤولية عن سلوكه ، ولا يستفيد من خبراته السابقة وبما ناله من عقاب 0
6ـ لديه تبلد في العاطفة ، وخال من المشاعر الإنسانية ، ولكنه يبدو سعيدا أثناء مغامراته وإجرامه 0
7ـ عدواني تجاه المجتمع وغير متحمل للمسؤولية 0
8ـ يتسم بحب الذات المفرط ، وضعف الإرادة والوازع والشعور الديني 0
وهناك من العلماء من يقسم صفات المجرم على النحو الآتي :
1ـ المجرم غير الناضج Immature 0
2ـ المجرم غير الآمن انفعاليا Emotionally Insecure 0
3ـ مجرم معتمد على غيره 0
4ـ المجرم العدائي Hostile 0
5ـ المجرم المضاد للمجتمع Antisocial 0
6ـ مجرم غير ممتثل لمعايير المجتمع ونظمه 0
7ـ المجرم العدواني المعتدي Aggressive 0
• أسباب الإجرام :
هناك عدة تفسيرات للسلوك الإجرامي ، وقد تم تفسير الإجرام في ضوء اتجاهات رئيسية وهي:
1ـ تفسير مدرسة التحليل النفسي والفرويدية الجديدة : فهي تؤكد على ضعف قدرة الشخص المجرم على التحكم في دوافعه ونزعاته الأولية ، ويعود هذا الضعف إلى الأنا الأعلى التي لم تستطع كبت هذه الدوافع في اللاشعور 0 ويعود ضعف الأنا الأعلى إلى مراحل الطفولة الأولى ، وخاصة منذ مرحلة أوديب ، وبداية تشكل الأنا الأعلى 0
أما الفرويدية الجديدة فتؤكد على الصراعات الداخلية والمشاعر الانفعالية غير الشعورية ، كالخوف ، وعدم الأمان ، والشعور بالنقص والدونية 0
2ـ الوراثة : على الرغم من وجود دراسات عديدة تؤكد القول على وجود ( كروموزوم ) زائد من نوع ( xyy ) عند المجرمين ، وأن هذا الكروموزوم الزائد يعطي في احتماله حدوث السلوك الإجرامي ، إلا أنه لا يوجد برهان على ارتباط هذا الكروموزوم الزائد بالعدوان والإجرام 0 ومن جهة أخرى فإن حاملي التركيب ( xyy ) الموجودين في السجون أقل خطرا من نظرائهم الذين يحملون الكروموزم الطبيعي ( xy ) 0
3ـ الذكاء : فبعض المجرمين لديه ذكاء مرتفعا ، وبعضهم لديه ذكاء متوسطا فما دون ، ولكننا لا نستطيع أن نقول : أن السلوك الإجرامي ناتج عن انخفاض الذكاء ، أو أن الإجرام يتأثر بالذكاء 0 وقد تبين وجود ترابط بين الذكاء والإجرام ترابطا ذي دلالة 0 ولقد أجرى ( هيلي Healy ) دراسة تناولت ( 1000 ) مجرم شاب ، ووجد أن نسبة منخفضي الذكاء بينهم لا تزيد عن 10% 0 وفي دراسات أخرى تناولت مجموعات في المجرمين ومجموعات ضابطة ، تبين أن المجرمين أقل ذكاء من غير المجرمين ، ولكن ليس بفرق ذي دلالة كبيرة 0
والأدق أن ننظر في نوعية الجريمة ومرتكبيها ، فلقد تبين أن هناك أنواعا من الجرائم يرتبكها أشخاص مرتفعي الذكاء لدرجة أنه أطلق عليها اسم ( جرائم الأذكياء ) ، مثل : الاحتيال والتزوير وبعض الجرائم المالية والاقتصادية 0 أما جرائم الأغبياء أو الأقل ذكاء فهي : التسول ، والتشرد ، والسرقات البسيطة ، والاعتداء 0
والرأي المعتدل يقول : إنه توجد رابطة بين ضعف الذكاء والجريمة ، ولكنها ليست رابطة سببية ، لأن ضعف الذكاء يرتبط بعوامل انفعالية واجتماعية وشخصية متنوعة 0
4ـ المرض العقلي : إن للمرض العقلي تأثيرا في الجريمة ، فقد دلت بعض الدراسات أن هناك 20% من نزلاء المستشفيات العقلية سبق الحكم عليهم بالإجرام ، وبشكل يفوق الأشخاص العاديين ، وعلى من ذلك لا يمكن الجزم بالقول بأن الرابطة سببية ، فقد يرجع الاثنان ( المرض العقلي والجريمة ) إلى عوامل أخرى تجعل الفرد عرضة للإصابة بالمرض والجريمة 0
إن المرض العقلي يجعل الشخص أقل تحكما في اندفاعاته ، وأقل إدراكا للأمور وللمواقف ، ولكن ليس بالضرورة أن تكون الجريمة ناتجة عن ذلك ، مما يجعلنا نشك في العلاقة السببية بين المرض العقلي والجريمة 0
ونخلص القول إلى أن : تلازم ظاهرتين معا لا يعني أن الأولى سبب للثانية إطلاقا ، ما لم نتبع فيها المنهج التجريبي ، الذي يثبت مثل هذه العلاقة السببية 0 لأن البحث التجريبي المضبوط هو : الذي يهدف إلى دراسة أثر متغير في متغير آخر ( تبيان السببية ) ، في حين أن المنهج الترابطي يدرس العلاقة والترابط بين المتغيرات فقط للتركيز على الأسباب 0