عيناك لي وطن ومنفى
للشاعر العراقي : يحيى السماوي
لا تمسحي يوم الوداع جفوني= فعساي أغسل بالدموع عيوني
خبأتُ تحت الجفن حقل طفولة =وأحبة رضعوا رحيق ضنيني
أتُعار أحداق لأبصر فيهما =وجهي وما صنع الجفاف بطيني
شيعت أمسي في العراق وشيعَت=يومي وطفل غدي سياط ضغون
هذا رقيمي.. فيه سِفر يفاعة =دُفنتْ برمل تشرد وسجون
أطعمت للنيران منديل الهوى=وإلى الرياح العاصفات سفيني
سأخيط بالسكين ثوب صبابتي=وأنيم في كهف السكوت لحوني
ضاع العراق فليس لي من نهره=كوب وصادرت الخراف عريني
بخِلت علي أرومتي بمياهها=ولها أردت زنابقي وطحيني
أشركت قومي في حقول مسرتي=ومنعت عنهم لوعتي وأنيني
تبكي على عقم الصباح مدينتي= رعبا وقحط حقولها يبكيني
فأنا قتيلي - لو سقطتُ - وقاتلي=وأنا عدوي في حروب ظنوني
عبثت بأزهار اليقين هواجسي=فسقطت مذبوحا بنصل شجوني
"قومي هُمُ قتلوا أميمَ أخي " وهمْ=شنقو الرغيف على جبين صحوني
الموج يغري-والرياح-سفينتي=كوني شراعي يا حبيبة كوني
حررتِ من قيد الفراغ قصائدي=وأسرْتِ قنديلين تحت جبيني
عصفور ثغرك يستفز ربابتي=والحب-رغم كهولتي-يغريني
قد كنت وهما في كهوف تخيلي=فغدوت شمسا في فضاء يقيني
عيناك لي وطن ومنفى ..فالهوى =مابين موج صاخب وسكون
فلجأت منك إليك أبحث عن غدي=لا توصدي باب المودة دوني
ضحك الربيع بمقلتيك فراقصت =أعشابه هدبا وكحل جفون
عدنا -على رغم انطفاء شبابنا -=طفلين بين حدائق النسرين
فإذا المرافئ عانقت سفن الهوى=لا تعقلي عند اللقاء جنوني
لونت أمسي بالرحيق فدورقي=شفة ومائدتي حقول عيون
أشذاء حبك ما تزال على فمي=تندى بها رغم الجفاف سنيني
يكفيك أن هواك نافذة المنى= وأنا ..وجودك في غدي يكفيني
فلتمسحي بيديك وجهي حلوتي=خشن على مقلي حرير جفوني
المجلة العربية ربيع الآخر 1415هـ
إليك يا صدى الوجدان