إِنَّهُ فَتَىً جَنَوْبِيٌّ!..
بَعْدَ أَنْ طَوَى ماضٍ تغشَّاهُ طَوىً و مِنْ أجْودِ طيْبٍ توشَّى
أَبْقى على اللَّقطاتِ النَّابضة منْه ذكْرى يُوْقن أنَّ لا مناصَ لهُ مِنْ أنْ يحنَّ يوْماً لأنْ يُقلِّبَ سجلَّها وإنْ أمْراً اسْترعاهُ لِلنَّبْش فِيْها. ثُمَّ غطَّى عيْنيها بِقطْنِ الطَّمأْنينة لتغْفو أعْمق صنْدوق رأْسه بِمنْطقةِ الذَّاكرة عَلَى نَهْجِ التَّحْديد تحفّها أزْهار السَّلام طَوقاً.
ردْفاً لمَا أَنَفَ.. إِذْ جَادَّاً فكَّر اَلْمُضِيّ صَوْبَ فجْرِ الزّهر النّاشر شذاهُ مِلءُ سَمَاء الصُّدور وَ حَدَائقُ الأفْئدة.. إِنَّهُ مليّاً فِي أنْ يغيّر مِنْ أسْلوب حَياته الرّتيبة وَعيْشه المُملّ أنْ يتبدَّل جليَّاً حتَّى يَتَسنَّى إيَّاهُ اَلتَّنفُّس صفىً يسْتنْشقُ السّير قدماً متّخذاً منْحىً ليْسَ يمْشي عمْره إلاَّ بخطىً مخْضرّة تقْطر ندىً يسْلك الدّرْب النّيّر مبْتعداً بِأَيَّامه عَمَّا قدْ سَبَقَ وَمَرَّهُ ثُمَّ مَضَى.
اَلْفَتَى الْجَنوبيّ أَطْلَقَهَا جادَّاً.. إنَّ السَّانح اليومَ غداً يتبدَّل، فَكَفى!
آنَ لِيَ الآنَ أَنْ أُحقِّقَ أَحْلامِي أَنْ أَسْعى إِلَيها حثيثاً وَلَنْ أتلهَّى عَنْها أوْ تَثْبِيْطُ الدَّأبِ لأنْ طُمُوحاتِي تُصيَّر مَلْمُوسةً مُجسَّدَةً فوْقَ أرْض الواقعِ تُحسُّ كَمَا َتُرى.. هَذَا مَا أَسَرَّ عَلَيَّ بِبَوْحِهِ-اَلْفَتَى اَلجَنوبيّ - فِيْما أتَّسعَ مِنْ عُجَالةِ عُمْرهِ.. وَراحَ يَبْذر قُبَلُ قَدميهِ فوقَ صدْر الطَّريق المُفْضي إلى مصْباح سعادةٍ صُبُحيَّة المُحيَّى تشْبهُ حَبيْبتهُ تَماماً مُبْتعداً عنِّي مُغْتبطاً مُودِّعاً إيَّاي بِابْتسامةٍ مُعْنبَّةٌ لَمْ تَزَل تَأتلقُ فِي سِويداء عَيْني.
.
.
تَصَوَّرْتُ أَنْ يُبَادِرَنِي حَرْفٌ مَا بِالتَّهْنِئَةِ.. كَمَثَلاً، سَرَّنِيْ أَنَّكَ تَغَيَّرْتَ، بِحقّ، بَلْ حَتَّى مُجَرَّدِ تَفْكِيْرَكَ فِيْ أَنْ تَتَطَوَّرَ عَمَّا سَبَقْ وَكُنْتَ يُعدُّ مُؤَشِّرَ فَألٍ.. إِذَاً، فَلْتَرْفُلَ فِي التَّطْبيقِ أَيْ اَلْعَمَلَ مُنْذُ اللَّحْظَةِ!
وَأنِّي بِإمْتِنانٍ بِالغٍ شَكرْتُهُ حِيالَ مَا إيَّايَ أبْدى
مَليَّاً مَرِيْئاً.