منذ فترة كنت في مكان عام مع عائلتي، وبينما نحن نتنقل من زاوية إلى زاوية ليلعب الأطفال بالألعاب إذ بزرافات من الشباب ذكوراً وإناثاً، حدّث ولا حرج، العطور الفواحة، والخُطوات المرتاحة، وأصباغ على الوجوه، وعباءات على الأكتاف، وغطاء مزركش فضفاض، مرة يهبط على الكتف ومرة يصعد على الرأس كالزوجة المعلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة.
أسير وكل فكري يعاني، ويضيق صدري، وتساؤلات جمة تكاد تخنقني... أين أولياء الأمور؟ لماذا بناتنا يتسكعن في الأسواق لا ضابط ولا رقيب..؟!
ويمر شريط الأحداث أمامي، كلما رأيت منظراً اعتصر قلبي ألماً..
استرحت مع عائلتي لشرب بعض المشروبات الباردة، وإذ بالصاعقة..
أشخاص من بني جلدتنا..لكنهم...لا يمكن أن يكونوا من بني عقيدتنا.
لقد عشت في أمريكا قرابة الخمس سنوات..ما رأت عيني ما رأيت، والله لقد تفوّقوا على شباب أمريكا بجدارة، أين شباب أمريكا المساكين من حمار الوحش عندنا..
شباب صبغوا شعرهم بخطوط حمراء وصفراء ..
وشباب قسموا الشعر بشكل أفقي، وكأن الرأس كرة أرضية قسمت بخط الأستواء.. فالجانب الشمالي ـ الأعلى ـ هضاب متعرجة تنتشر فيها أشجار الصنوبر الحادة، والجانب الجنوبي ـ الأسفل ـ جليد أملس يلتصق بأطراف الوجه التصاقاً، وقبل الأذنين نجد انزلاقات لا بد منها ثم في مؤخرة الرأس انهيار جليدي وتطويل للشعر.
إلى جانب الكرة الأرضية ـ الرأس ـ نجد الجسم يرتدي ملابس غربية قميص وبنطال.
أشكال ما أنزل الله بها من سلطان، أتعجب من أين تأتي هذه البدع؟!.. اخترعات لم تخطر على بال بشر..
خــواء ....... خــواء ........ خــواء.
ذهب الحـــياء ..... ذهب الحــــياء .....
وإن ذهب الحـــياء ........ فاصنع ما شئت.
بالله ما بال القوم يتخبطون، وكالبهائم يسيرون، لا تفكير ولا نذير، ولا نهج قويم،
بأي ديانة يدينون؟ ولأي رب يسجدون؟ ولأي أرض ينتمون؟
لا أثر يدل على المسير، انتماء للوطن ولا انتماء، أبناء أوطاننا يرفضوننا، يرفضون ديننا، يرفضون أوطاننا، المسير للغرب لا للعرب، والكل يتبع ولا متّبع، ما بال ديننا يُهجر؟ ما بال تقاليدنا تُنبذ؟ ما بال حياؤنا يُرفض؟
هل هذه هي الحرية ؟...
والله ثم والله إنها العبودية... العبودية للشيطان، جلب عليهم بخيله وجنوده.
يا أبناء ديني.. أهذا هو رد الجميل؟! أهذا هو الانتماء ؟!
نتباهى بانتمائنا لرسولنا، أزعجتنا اتهامات الدنمارك، فترد عليها أفعالنا بتأييد لها!!! ما بال القوم ضائعون؟
أيستحق محمداً هذا؟! أيستحق حبيبنا هذا؟! أيستحق منقذنا وشفيعنا هذا؟!
بأي وجه نقابله؟ بل بأي يد نصافحه؟ وبأي لسان نحاوره؟
وجوهنا علاها السواد، وأيدينا شلتها الذنوب، وألسنتنا ألجمتها المعاصي.
شبابنا المسكين ...
لا أِحقّر من شأنك، ولكني أُشفق على حالك، يؤلمني ما أنت فيه، يقتلوني بل يحطمني.. لأنك قد حطمت كل مبادئ الدين، وهدمت كل القيم، ولوثت كل منابع الخير، لقد وأدت فينا كل لحظة فرح، وخنقت كل لحظة أمل كنا نعقدها عليك.
لن أكمل..
سأجعل حديثي مفتوحا يكمله كل من يتحرق مثلي على حالكم..
فاعذرورني قرّائي الأحباء... لأني قد أشعلت فيكم ناراً أحرقتني قبلكم.
واعذروني .. لأني ما رضيت ولن أرضى ما رأيت.
واعذروني .. لأني أحب شخصاً عزيزاً، لن أرضى أن يُهدم كل ما بناه، ولن أرضى أن تضيع جهوده سدى، ولن أرضى له بديلاً، ولو اتخذت الناس آلاف البدائل من شرق وغرب.
ولأني مسلمة، ولن أظل إلا مسلمة، مهما عاث في الأرض الفساد، ومهما علت الرذيلة وشاعت.
سأحارب ما حييت بقلبي ودمعي وقلمي..
وسيظل قلبي ينبض عشقاً لعقيدتي، ولأخلاقي ولوطني..
فاعذروني..
أعجبني فنقلته مع اجراء بعض التعديل
وهو للكاتبة القديره الأخت : قناديل المحراب (( أم خالد ))