السعودية: تأشيرات العمال الأجانب تتضاعف.. والبطالة تتزايد
رغم الحديث المتكرر عن «السعودة» وسط الطفرة الاقتصادية
لندن: «الشرق الاوسط»
تشهد السعودية في الوقت الراهن طفرة في العديد من المجالات، فالاقتصاد ينمو بمعدلات صحية، والاستثمارات المحلية والأجنبية تتدفق بشكل ايجابي، والمشاريع العملاقة تنطلق في اغلب أنحاء المملكة بشكل قد يغير خارطتها الى الأبد.
ورغم هذه الصورة المتفائلة، الا ان تلك الطفرة تترافق مع مؤشرات متناقضة، فصعود الاقتصاد المحلي ينبغي ان يستوعب الأعداد المتزايدة من الشباب السعودي، لكن الواقع يقول عكس ذلك، فقد ارتفعت البطالة بشكل لافت، ورغم الحديث المتكرر عن «السعودة»، نجد ان تأشيرات العمال الأجانب قد ازدادت أكثر من 100 في المائة خلال عام تقريبا.
ان الاقتصاد السعودي ينمو بطريقة ينبغي ان تكون قادرة على توفير مئات آلاف الوظائف للمواطنين، وبشكل يحد من أعداد العاطلين عن العمل، إلا ان الإحصائيات التي قدمتها وزارة العمل السعودية تشير الى ان معدل البطالة بين أبناء المملكة ارتفع من 9.7 في المائة عام 2002 ليبلغ حاليا نحو 12 في المائة.
وفي هذا المجال يعزو العديد من الخبراء الاقتصاديين هذا الامر الى قضيتين اساسيتين: الأولى ان الشباب السعودي يترفع عن العمل في العديد من الوظائف، التي تتطلب مهارات محدودة، وثانيا ان مخرجات التعليم في السعودية لا توفر خريجين يمتلكون مهارات يمكنها ان تنافس مع المهارات التي يطلبها القطاع الخاص بالتحديد.
وفي هذا الإطار أشار تقرير حديث صدر عن مؤسسة مكنيزي الاستشارية العالمية، يتناول طبيعة قطاع القوى العاملة في دول الخليج، الى ان ترتيب السعودية لنتائج المرحلة المتوسطة في مادة الرياضيات كان في نهاية القائمة متساويا مع دول افريقية فقيرة مثل غانا وبتسوانا.
ومع توارد الأخبار عن إطلاق مشاريع في المملكة تبلغ تكلفتها مئات المليارات من الدولارات، لكن البطالة بين الشباب السعودي الذين تكون أعمارهم في حدود العشرينات، ربما تصل الى ضعف الأرقام الرسمية المعلنة، حسب تقرير دولي صدر أخيرا.
ورغم كثرة الحديث عن السعودة وتوطين الوظائف، الا ان صحيفة «الفايننشال تايمز» نقلت اول من أمس عن احد المسؤولين السعوديين في وزارة العمل قوله ان وزارته منحت أكثر من 750 ألف تأشيرة دخول للعمال الأجانب خلال عام تقريبا، بزيادة تتجاوز 100 في المائة عن التأشيرات التي منحتها الوزارة عن عام 2005 بلغت 353 ألف تأشيرة.
وأوضح تقرير مكنيزي، الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، ان زيادة البطالة بين صفوف الشباب السعودي وسط زيادة المنافسة من العمال الأجانب ساهمت في خفض توقعات تلك الشريحة، كما أنها زادت من تراجع الأجور الحقيقية أجور القطاع الخاص بنحو 24 في المائة في المملكة، مبينا ان متوسط دخل العامل في القطاع الخاص في دول مثل عمان والبحرين والسعودية يبلغ 460 دولارا شهريا، رغم ان العامل يحتاج كحد أدنى الى 900 دولار شهريا للتأقلم مع تكاليف المعيشة.
وأشار التقرير الى ان القطاع العام الذي كان يستوعب نحو 90 في المائة من الوظائف في السابق، لم يعد قادرا في الوقت الحالي على توظيف هذه الأعداد المتنامية من السعوديين الباحثة عن عمل، موضحا ان أعباء القطاع العام أصبحت ثقيلة، حيث ان فاتورة أجور الموظفين لوحدها تكلف الحكومة السعودية حوالي 17 في المائة من الناتج المحلي الأجمالي، مقارنة بـ4 في المائة في الدول الصناعية المتقدمة.
وخلص التقرير للقول ان مشكلة توظيف الشباب تعتبر قضية حيوية وتتعلق بالأمن القومي وتحتاج الى حلول عملية ومناقشات شفافة، مبينا هنا ان القطاع الخاص في دول الخليج يحتاج الى توفير 4.2 مليون فرصة عمل للمواطنين بحلول عام 2015 وهو تقريبا ضعف الرقم المطلوب حاليا.
الرابط