عـــواء





( ما يلي ليس مشهدا من أحد أفلام الفرد هتشكوك )


يجب أن أقتل هذا الكلب اللعين ..
واندفعت حاملا مسدسي للباب الخارجي ..
حين اعترضتني زوجتي وهي تهتف بنبرة إشفاق ممزوجة بتحذير :
- لا لا لا أرجوك لا تقتله ..
سحبت نفسا عميقا من سيجارتي لتزيد من تركيز الماريجوانا في رأسي وأنا أحاول إزاحتها من الباب صائحا :
- ابتعدي عن طريقي و إلا قتلتك بدلا منه
وحين رأيت ذلك الكلب في الفناء الخارجي يرمقني بتلك العين اللعينة ... زادت أبخرة الماريجوانا في رأسي وأنا أزيح زوجتي عن طريقي صائحا :
- أقسم إن لم تبتعدي ..
وانطلقت الرصاصة لتصيب رأس زوجتي بدلا منه ..
ووقفت أرمق زوجتي وهي تسبح في بركة من الدماء وأنا اسبح في بحور من الذهول والندم و اللاوعي
حين اختفى فجأة ذلك الكلب الأسود اللعين
ولم يسمع أحد دوي الطلقة من منزلي الذي يقع في أحد أطراف " المرية " وهو اسم نحته من القرية والمدينة لأن قريتي الكبيرة أو مدينتي الصغيرة كحالب كثير مثلها لم تعد قرية هادئة أو مدينة كبيرة بل أصبحت مرية التي بالطبع كنت أحد شبابها الخلوقين وينتظره مستقبل واعد في مجال برمجة الحاسب وصيانته وبعد أن يئست من العثور على وظيفة رسمية دخلت العمل الحر شريكا بخبرتي مع أحدهم في محل لبيع الحاسبات وصيانتها ونجحنا ... وأثمر هذا النجاح عن زوجة صالحة وطفل صغير وعلاقات طيبة مع الكثير ...

( ما يلي ليس جزءا من اعترافات مدمن التي تنشر في الصحف )
*
وتعرفت على الكبتاجون في البداية لزيادة التركيز ولمضاعفة الإنتاج .. وبدأت أعاني من مشاكل النوم ..وخلافاتي المتكررة مع شريكي لغيابي المتكرر لتقودني إلى سيجارة الماريجوانا ..فقط سيجارة وستدخل في نوم عميق
وهكذا دخلت الدائرة المفرغة للإدمان بين الكبتاجون والماريجوانا وما يصاحبه من حدة في المشاعر وتضخيم للمواقف وإحساس مرهف جدا لأدنى خلجة ...

( يمكنك الاستغناء عما سبق وبدء القصة من هنا )
*
حين ظهر جرو أسود صغير ذات ليلة أما بابي وعند الصباح اختفى ليعود ليلا وينام تحت السيارة في الفناء الخارجي
وهكذا استمر ولم اعره اهتماما طالما أنه لايؤذيني ..
وكبر الكلب وكبرت مشاكلي معه ...
بعد أن فسخت شراكتنا وأصبحت عالة على زوجتي الوفية الصابرة التي تعمل معلمة نهارا وتحتمل نزواتي ليلا
وفي هذه الدائرة المغلقة من الفراغ والإدمان يصبح الاهتمام بالتوافه من الأوليات إذ كنت أعجب لهذا الكلب الذي لا يحب النوم إلا تحت سيارتي وأفكر أين تنشق الأرض وتبلعه نهارا ليعاود الظهور ليلا تحت سيارتي ...
لكن السيل بلغ الزبى ذات ليلة حين سمعت صغيري يبكي خائفا وهو يلعب بجانب السيارة ساعتها سحبت مسدسا
لا أدري كيف وقعت يدي عليه واندفعت غاضبا ولم يعدني لوعي إلا صوت الطلقة التي أطلقتها يدي المرتعشة لكنها لم تقتل الكلب اللعين...
بل أصابت إحدى قوائمه الخلفية بعدها بدأ يزحف على مؤخرته مبتعدا وهو يعوي عواءاً يقطع نياط القلوب ...



( ما سبق حشو لا فائدة منه ويمكنك البدء من هنا )
*
ومع ذلك استمر زحفه الشوارع نهارا ليعاود النوم ليلا كالكابوس تحت سيارتي . . وغدت صورته شبحا يؤنبني
و يطاردني في كل أرجاء البيت تنبش ذكراه في كل خلية من جسمي تذكرني بخطئي الجسيم تجاهه ...
وذات ليلة وأنا أدوس عقاب سيجارة ماريجوانا استجمعت قواي وبقايا شجاعتي..
وخرجت للسيارة عازما على حل نهائي .. وبدأت في دهسه وأنا أسمع طقطقة ما تبقى من عظامه وحشرجة عواء ما لبث أن خبا وسط نظرات زوجتي التي كانت ترقبني من داخل الباب وهي تتمتم بالمعوذات وبعض قصار الصور
وازددت قسوة وأنا أربط ما تبقى منه بحبل ساحبا إياه للخلاء القريب من منزلي..
وعد ت وكأن جبلا انزاح عن كاهلي .....
( يمكن لسريعي الملل تجاهل ماسبق والبدء من هنا )
*
ودارت الأيام وزاد إدماني معها وإحساسي بالمذلة يتنامى وأنا استجدي زوجتي أحيانا وأسرقها أحيانا أكثر...
وما صاحبه من نفور الناس مني كمدمن أو تحاشيهم لي كمستدين دائم
وذات ليلة وأنا مع أحدهم نلف السجائر ونتبادل الضحكات ظهر فجأة كلب أسود يزحف على مؤخرته لتبدأ موجة من الضحكات الهستيرية والتعليقات الساخرة التي جاريتها وبدا لي الموقف كالحلم ولم أعلم كيف وصلت للبيت ولا كيف تبعني هذا الكلب اللعنة ..
وحين استيقظت في أو أفقت في اليوم التالي وجدته أمامي كالكابوس تحت ظلال السيارة إلا أن أذنيه لهما اللون الأبيض وجرح غائر في بطنه يتجمع حوله الذباب ..ورغم تأكدي أنه ليس الكلب الأول إلا أن مجرد رؤيتي له كان كابوسا مريعا وهلعا هائلا يجتاح كياني ...
( لا يمكنك فهم ما يلي دون قراءة المقاطع السابقة بتمعن )
*
وازداد تحاشي الناس لي ولمنزلي بشكل عام ليس لأني مدمن وحسب بل لأن شيطانا مريدا يسكن حول هذا المنزل ..
ومع تأكيدات زوجتي أن كل كلب أسود هو شيطان مريد ..وازدادت حالتي سوءا لأجدني ذات ليلة استجمع قواي ذات ليلة وأنا أندفع للباب الخارجي محاولا قتله وإنهاء مأساته ومأساتي وتحاول زوجتي منعي لتنطلق الرصاصة إلى رأسها بدلا منه .. وأثناء ذهولي اختفى هذا الكلب اللعين ومرت فترة صمت طويلة انتبهت أثناءها أن طفلي الصغير يصرخ بجانبي ماما ماما وحملته بهدوء محاولا إسكاته حين دوى صوت العواء الطويل ......
عواء حزين مستمر يأتي من كل جهة وكأن كل كلاب العالم وأبالسة الجحيم تردد معه هذا العواء محاولة إيقاظ الجميع
وأندفع الكثير من الباب ليجدوا امرأة مضرجة في دمائها بجانبها رجل يعوي يحمل طفلا باكيا ً


‏11‏/02‏/1425[/SIZE][/FONT]