أفياء
أ . د . عزيزة المانع
عكاظ
العدد 14940
تاريخ 9 \ 7 \ 1428 هـ
قال الأوزاعي: (( واصبر نفسك على السنة ، وقف حيث وقف القوم ، وقل بما قالوا ، وكف عما كفوا عنه ، واسلك سبيل سلفك فإنه يسعك ما وسعهم ))
هي عبارة لعلها قيلت تحت تأثير ظرف معيّن أو حادثة خاصة ، لكنها فيما بعد اختيرت على يد البعض لتكون قاعدة للحياة الفكرية فتبنتها الأجيال المتلاحقة فكان في ذلك كارثة على الناس ، وأي كارثة !
كثيرون هم الذين يعجبون بمثل هذا الرأي ويرون فيه عين الصواب فيتبنونه ويدافعون عنه ويلومون من يعارضه ، فالغاية عندهم هي عدم المخالفة لما قال به الناس وليس الوصول إلى الحق ، هم يرون أن سير المرء ضمن خط السير المنسابة عليه ركائب الناس عامة آمن له من الانحراف يمنة أو يسرة في طرق غير مطروقة حتى وإن ظن أنه عاثر على ما هو أفضل ، ويذكرنا هذا بنصيحة ابن المقفع الخالدة حين قال: (( على العاقل أن يتجنّب القول الذي لا يجد عليه موافقا وإن ظنّ أنه على اليقين )).
وإذا كان ابن المقفّع يقدم السلامة على طلب الحق فيحذر من المخالفة حتّى وإن كان فيها الصواب ، فإن عبارة الأوزاعي تتضمن فلسفة مختلفة نوعا ما ، هي تتضمن أن الناس لم يتّفقوا على أمر إلا لصوابه ، فلم يكلّف الفرد نفسه بالبحث عن غيره ؟ ألا يسعه ما وسعهم ؟ هل يظن أنه سيكون خيرا منهم فيأتي بأفضل مما جاءوا به ؟
مثل هذه الفلسفة تخمد كل شعلة تتطلع إلى ما هو أفضل ، فالقول بأن ( ليس في الإمكان أبدع مما كان ) أو ( لم يترك الأول للآخر شيئاً ) هي أقوال ترسّخ مفهوم المسايرة والانتقاص من القدرات الذاتية ، وهذه الفلسفة لا تسيطر على أسلوب التعليم في المدارس فحسب ، ولا على أسلوب التربية داخل الأسر وحدها ، وإنما هي أيضا تسيطر على المجتمع عامة فيصل تأثيرها إلى الفكر السائد بين النّاس وتنتشر في ثقافة المجتمع ضاربة بجذورها إلى أعماق تلك الثقافة.
فهل يوجد بعد ذلك أمل في إحداث تغيير أو عثور على ما هو أفضل.
ص . ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382
**********************
النور الساطع على أفياء الدكتورة عزيزة المانع
المنشور بجريدة عكاظ بعددها 14940 وتاريخ 9 \ 7 \ 1428 هـ
بعنوان ( مسايرة الجماعة )
الوقفة الأولى: تعريف الجماعة الوارد ذكرها في أفياء الدكتورة عزيزة المانع ( مسايرة الجماعة )
إن المراد بالجماعة هي التي أمر الله تعالى في كتابه الكريم بالاعتصام بها في قوله عز من قائل (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءا فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون )) وبقوله تعالى (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ... )) وبقوله تعالى (( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا )) وحذر من مخالفة المؤمنين واتباع غير سبيلهم في قوله تعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) وكذلك ما جاء في صحيح السنة من قوله صلى الله عليه وسلم (( افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قالوا من هي يا رسول الله؟ ، قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي ) وفي لفظ ( هي الجماعة ) وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( نضّر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو افقه منه ، ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن : إخلاص العمل ، والنصيحة لولي الأمر ، وفي لفظ طاعة ذوي الأمر ، ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تكون من ورائهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (( وهذه الثلاث يعني إخلاص العمل ومناصحة ولي الأمر ولزوم جماعة المسلمين تجمع أصول الدين وقواعده وتجمع الحقوق التي لله ولعباده وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة )) ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم (( ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم )) أي لا يحمل الغل ولا يبقى فيه غير هذه الثلاث فإنها تنفي الغل والغش ومفسدات القلب وسخائمه.
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم ( ولزوم الجماعة ) هذا أيضا مما يطهر القلب من الغل والغش فإن صاحبه للزومه جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ويسوؤه ما يسوؤهم ويسره ما يسرهم وهذه بخلاف من انحاز عنهم واشتغل بالطعن عليهم والعيب والذم لهم كفعل الرافضة والخوارج والمعتزلة والعلمانيين ومن على شاكلتهم فإن قلوبهم ممتلئة غلا وغشا فهذا منهج فرق الظلال والضياع وهم أبعد الناس عن الإخلاص وأغشهم للأئمة والأمة وأشدهم بعدا عن جماعة المسلمين
الوقفة الثانية: هل ما نسبته الدكتورة إلى الأوزاعي رحمه الله يعتبر فكرا ذاتيا أو رأيا فرديا رآه الأوزاعي واستحسنه وقلدته عليه الأجيال التي جاءت بعده أم أنه مبدأ ومنهج مضى عليه خير القرون لهذه الأمة وعلى رأسها رسول الله صلى الله عليه وسلم المشرع لشرع الله المطهر وصحابته الأجلاء والتابعون لهم بإحسان كما هو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار من النصوص التي سبق ذكرها في الوقفة الأولى وما مقالة الأوزاعي رحمه الله ذلك العلم الذي يعد رابع فقهاء الأمة في عصره إلا شاهدا بما يدين الله به هو وكل من خالط الإيمان شغاف قلبه وجرى حبه في عروقه.
الوقفة الثالثة: هذه الجماعة التي تناولتها الكاتبة الدكتورة المانع التي وصفتها بأنها قامت على مجرد رأي من الأوزاعي رحمه الله نتيجة تأثير ظرف معين أو حادثة خاصة ، وجهلت أو تجاهلت الأصول الشرعية التي صيغت منها هذه العبارة والتي ينطق بها كل لسان ويعتقدها كل قلب من أفراد جماعة المسلمين حيث أنها وصية الله سبحانه لجميع أفراد امة محمد صلى الله عليه وسلم للتمسك بها وانه مبدأ عام لأمة الإسلام نطق به لسان حالها من فم الأوزاعي طمعا في الوعد على تبليغ قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي دعا بنضارة الوجه يوم القيامة لمن وعى حديثه فبلغه كما وعاه وسمعه فليس الأوزاعي وحده يتمنى هذه المنقبة العظيمة بل كل واحد من أفراد هذه الأمة ذكورا وإناثا يتمنى ما تمناه الأوزاعي فلتستعد الدكتورة لانتقاد جميع الأمة لكونهم كلهم أوزاعي في التمسك بجماعة المسلمين والسمع والطاعة لولاتهم وعدم الخروج عن هذه الجماعة الناجية لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه الجليل صاحب سره حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عندما أوصاه بقوله (( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم )) ، ولكن يظهر أن الدكتورة لا تحب أن تعلم أصول منهج السلف لأنه يتنافى مع ما تميل إليه أو أنها تجهل ذلك وفاقد الشيء لا يعطيه ولسان حالها ومن على شاكلتها يقول (( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون )) ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه فلم يقحمها في شيء لا تحسنه.
الوقفة الرابعة: جنوح الكاتبة في وصفها لهذا المبدأ الأصيل من مباديء العقيدة السلفية بأنه طريقة صيغت واختيرت على يد البعض لتكون قاعدة للحياة الفكرية فتبنتها الأجيال المتلاحقة فكان في ذلك كارثة وأي كارثة ، لقد تجنت الدكتورة عزيزة المانع على منهج جماعة الأمة المحمدية التي دعا إلى ترابط أفرادها القرآن والسنة كما سبق بيان ذلك في الوقفة الأولى وعبرت بأسلوب ينضح كراهية وبغضا لهذا المبدأ المؤيد بنصوص الوحيين وفهم حملة الدين الموثوقين متنقصة لمن يقول به أو يدعو إليه أو يدين الله به واصفة ذلك بالفلسفة التي تحاول إخماد كل شعلة تتطلع إلى ما هو أفضل في نظر الدكتورة ومن أُعجب بفكرها التائه في متاهات لا نهاية لها مأمونة فانبرت تسطر بيدها ما يجول بخاطرها فأفصحت عنه بذلك النقد والقدح والتنقص والرفض لشعائر ديننا الحنيف كالتبرم من الحجاب وأنه لا يكون بالقوة والاستهزاء بأصحاب اللحى ووصفهم بأصحاب المكانس وغير ذلك مما حفظه لنا تأريخ الكاتبة القديم وأكدته بهذا المقال وبهذا يفهم نقمتها على تعاليم الدين وخروجها عن جماعة المسلمين بهذا المقال الذي تحرض فيه على الخروج على جماعة الأمة المسلمة وولاتها بالتلميح وربما بالتصريح كما يفهم من فحوى هذا المقال الذي قرأناه في صحفنا المحلية وكأنها تظن أو تجهل أو تتجاهل أن القراء لا يفهمون شيئا (( ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم ))
الوقفة الخامسة: تقول الدكتورة المانع كثيرو ن هم الذين يعجبون بمثل هذا الرأي ويرون فيه عين الصواب فيتبنونه ويدافعون عنه ويلومون من يعارضه فالغاية عندهم هي عدم المخالفة لما قام به الناس وليس الوصول إلى الحق . فأقول : قال الله تعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ويقول عليه الصلاة والسلام (( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي )) ويقول عليه الصلاة والسلام (( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك )) وفي معنى هذه النصوص الكريمة قال الأوزاعي رابع أئمة العلم في زمانه والذي أفتى في سبعين ألف مسالة (( واصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا عنه واسلك سبيل سلفك فإنه يسعك ما وسعهم )) ووالله ثم والله ثم والله إني لأعتقد أن هذا هو الحق وأنه منهج أهل السنة والجماعة وأني لأدين الله به وهذا قول كل فرد من أفراد هذه الأمة الوسط التي شهد الله لها بالخيرية لأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر ولا ينكر هذا إلا من فتن برأي من يرى ان الدين بنصوصه الكريمة وعلمائه وفهمهم له لا يصلح لإدارة شئون الحياة العصرية المتطورة ويرون التقيد به عائقا عن اللحاق بركب الحضارة المعاصرة فيجب على الدكتورة ان تحدد موقفها من هذه المباديء الثابتة التي وصفتها بالرأي فوصفها لها بالرأي في نظرها لا يخرجها عن حقيقتها في نظر الآخرين فهي في نظرها رأي وفي نظر أهل الحق أهل السنة والجماعة أصل ودين وعقيدة لا ينفك عنها المؤمن قيد شبر وإن خرج عنها هلك ولذا فقد أخرج الإمام أحمد في المسند عن أبي خلف موسى بن خلف حدثنا يحيى ابن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده ممطور عن الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( أنا آمركم بخمس الله أمرني بهن بالجماعة وبالسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله فإنه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلى أن يرجع ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثا جهنم قالوا يا رسول الله وإن صام وإن صلى قال: وإن صام وصلى وزعم انه مسلم ... )) الحديث
الوقفة السادسة: ماذا تقصد الدكتورة بقولها (( هم يرون أن سير المرء ضمن خط السير المنسابة عليه ركائب الناس عامة آمن له من الانحراف يمنة ويسرة في طرق غير مطروقة حتى وإن ظن أنه عاثر على ما هو أفضل فهل ينسجم ما تراه الدكتورة مع قوله تعالى ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) هل الانحراف عن سير جماعة المسلمين يتفق مع ما تدعو إليه هذه الآية الكريمة أم يختلف وإذا كان قطعا يختلف فما هو خط السير الذي تختاره الدكتورة وتنادي بالسير فيه
الوقفة السابعة: ذكرت الدكتورة في مقالها عن رأي ابن المقفع الذي يقدم السلامة على طلب الحق فيحذر من المخالفة حتى وإن كان فيها الصواب ثم تقارنها بعبارة الأوزاعي التي تتضمن فلسفة مختلفة نوعا ما هي تتضمن أن الناس لم يتفقوا على أمر إلا لصوابه وهذا لا ينسجم مع رغبة الدكتورة التي تخالفه الرأي ونسيت أنها تخالف بذلك هدي النبي صلى الله عليه وسلم القائل (( إن أمتي لا تجتمع على ضلالة )) فهل اختلط الفهم عند الدكتورة حتى خفي عليها التفريق بين نصوص الشرع المطهر وبين ما سمته فلسفة
الوقفة الثامنة: ذكرت الدكتورة عزيزة المانع في عبارتها التي تعزوها إلى الأوزاعي وحده لترد عليه وينتهي كل شيء ذكرت فيها أنه لا يكلف الفرد نفسه في مفهوم هذه العبارة بالبحث عن غير هذا الرأي أو الفكر وبأن ما وسع أسلافه فإنه يسعه فما رأي الدكتورة في قول النبي صلى الله عليه وسلم (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وفي قوله عليه الصلاة والسلام (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) فكيف تستطيع الجمع بين رأيها الذي ترى أنه خير لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وبين ما سبق تدوينه من النصوص الشرعية إلا إذا كانت الدكتورة ترى أن هذه النصوص كانت لأجيال قد بادت وانقرضت وعفا عليها الزمن وأنها لا تتلاءم مع حضارة العصر ومتطلبات أفراده الذين يجب أن يجددوا قوانين حياتهم ونظم مصالحهم ووسائل بيئتهم المتطورة فيأتوا بأفضل مما جاء به محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى من النظام الرباني الصادر عن العالِم بما يصلُحُ للإنسان في كل زمان ومكان وفوق كل أرض وتحت كل سماء
الوقفة التاسعة: هل يكون التمسك بمنهج السلف الصالح ولزوم جماعتهم المنضوية تحت إمامة شرعية وولاية إسلامية فهل هذه كارثة كما وصفتها الكاتبة الدكتورة عزيزة المانع لعلها تنادي بشيء تكنه في نفسها لا يتناسب مع المباديء الإسلامية فأراد الله أن يظهره على فلتات لسانها وتسطير بنانها ونسال الله لها الهداية وأن تثوب إلى رشدها وتتقي الله فيما تتبناه من فكر وتدعو إليه من سلوك فقد جانبت الصواب في هذا الباب وأساءت التعبير بوصفها للتمسك بالجماعة والسمع والطاعة لولاة أمر المسلمين والانتماء إلى جماعتهم بأنه كارثة فأما على الإسلام والمسلمين وجماعتهم وولاة أمرهم فهذا أصل من أصول ديننا القويم وأما على المناهج والأفكار الدخيلة على هذه البلاد المتمسكة بشرع الله ومنهج السلف الصالح فهذا صحيح كارثة على أهل الأهواء والأفكار المستوردة من غير هذه البلاد والتي لا يمكن لأي فكر دخيل أن يجد له مكانا للعيش فيها ما دام يوجد من أبناء هذه الوطن القائم على العقيدة السلفية الصحيحة والمنهج القويم وولاة أمر يحكمون الكتاب والسنة من يذب عنه عادية الأفكار الغريبة والمناهج المريبة .
الوقفة العاشرة: هل ترى الدكتورة أن ما ثبت بالأدلة الشرعية فلسفة تخمد كل شعلة تتطلع إلى ما هو أفضل وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان؟ ولم يترك الأول للآخر شيء؟ وأن ذلك لا يسيطر على أسلوب التعليم في المدارس فحسب ولا على أسلوب التربية داخل الأسر وحدها : إلى قولها فهل يوجد بعد ذلك أمل في تغيير أو عثور على ما هو أفضل؟ هل تريد الدكتورة إبداع شيء أفضل من الإبداع الإلهي لتقنين نظم حياة هذا الكون بما فيه من العوالم وهل تستطيع الدكتورة أن تستدرك على الله تعالى عما لا يليق بجلاله أن توجد منهجا يسير على ضوئه البشر لا يحتاجون إلى غيره وهل وجدت في أحكام الله وبيانه لكل ما يحتاجه الناس في حياتهم الدينية والدنيوية هل وجدت مدخلا للنقد أو مجالا للإكمال او مساغا للتعديل في أي نظام للحياة (( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ))
الوقفة الحادية عشرة: يجب أن يعلم كل مؤمن أن عليه مسئولية تجاه دينه ووطنه وولاة أمره وأمته وأن الله سائله عن هذا الواجب كل فيما يستطيعه وأن أعداء الإسلام قد ينجحوا في التغرير ببعض أتباعه فيما يزينون لهم من محاسن العلمانية المقيتة والحزبية البغيضة بما يضفون عليها من ألقاب وأوصاف تظهرها في نظر السطحيين بوجه غير وجهها الحقيقي وهنا يبرز دور حماة الدين الذين يردون عنه غلو الغالين ويصححون جفوة الجافين وبقدر ما يتنبه ربان السفينة يكتب لها السلامة من العطب وبقدر ما يهملون واجبهم يلحقها التلف ويحيق بأهلها الهلاك العام وديننا القويم يطلب منا نصر الظالم أو المظلوم بالنص النبوي الكريم (( انصر أخاك ظالما أو مظلوما)) قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال: تأخذ فوق يديه )) رواه البخاري وما من أحد ينتمي إلى الإسلام إلا له حق النصح والتوجيه والتذكير إلى ما فيه خيره ورشده وصلاحه فإن قبل فقد أحسن وسلم وإن تمادى وأبى قامت عليه الحجة وبرأت منه الذمة وعند الله تجتمع الخصوم والله حسبنا ونعم الوكيل.
سطر هذه المناقشة :/ محمد بن محمد صغير عكور