غزت القوات الأمريكية العراق وسقط نظام صدام حسين وبات العراق ساحة معركة حقيقية لا تعرف من ضد من مقاومة ضد المحتل وصراع طائفي هو الأبشع على مر التاريخ . وكعادة المملكة العربية السعودية ومواقفها البناءة من الجميع خاصة العرب والمسلمين فقد أرسلت مستشفى ميداني لتخفيف جراح الأشقاء في بلاد الرافدين . الفكرة جيدة غير أن المكان والوقت غير جيدين . إبان عهد صدام حسين كنا نعرف الدكتاتورية ونسمع عن القمع والقبضة الحديدية بيد أننا لم نكن نعرف أن بالعراق شيعة بهذه الكثافة وهذا الحقد . المستشفى محور الحديث هنا جهز بكل المستلزمات وهيئت له كل ظروف النجاح إلا أننا لم نكن نعرف حجم ما يكنه لنا العراقيون والأمريكيون هناك !! ضباط وأفراد وموظفون هم الرجال الذين انتدبوا بالمستشفى . كانت ذلك في رمضان سنة 1424هـ الهدف من التواجد هناك سام وسامي جداً والرجال الذين اختيروا للمهمة اختيروا بعناية فائقة . ثلاثة أشخاص قادهم القدر بعد وصولهم بفترة وجيزة لسيناريو لم يكونوا يحلموا به ولم يدر بخلد أحدهم أنه سيكون من أحداث العراق !! قبل مغيب الشمس بنحو ساعتين بادر الثلاثة لجلب طعام الإفطار لزملائهم بالمستشفى فوقعوا بيد دورية عراقية اعتقلتهم حين تأكدت من أنهم سعوديون وهذا كاف دون سؤالهم عصبوا أعينهم وربطوا أيدهم وراء ظهورهم وكمموا أفواههم . واقتادوهم للمجهول أبرز الثلاثة هوياتهم وأنهم هنا في مهمة رسمية فنتعوا بالقوادين وسمعوا كلاماً لم يسمعوه من قبل إنه الحقد الطائفي فالشيعة يحكمون القبضة على العراق . أعقاب البنادق قبلت رؤوس رجال المهمة الإنسانية وأسماعهم تلقفت أقذع الكلمات شتم النسب والدولة والمذهب !! شعر كل واحد منهم بأن العالم أدار له ظهره وعليه التعامل مع الوحوش البشرية استمر صيامهم عدة أيام وكان كل يمني نفسه باقتراب الموت الذي أصبح أمنية صعبة المنال!!!! تم تسليمهم لملائكة الرحمة ( العلوج الأميركيين ) زج بهم في عربة عسكرية وتم تشغيل الموسيقى الغربية بأعلى الصوت ربما للإرباك . تفننت الملائكة في التعذيب اقتيدوا إلى سجن أبو غريب الشهير.الملاك الأمريكي يعاملك وكأنك شخصياً الذي قمت بتفجير مركز التجارة العالمي وخلقت أحداث الحادي عشر من سبتمبر ودفعت بوش للزج به في معركة العراق . عاد المستشفى الميداني بعد عدة أيام إلى أرض الوطن . بعد الفشل في فعل أي شيء .
أربعة أيام قضاها الإنسانيون الثلاثة دون ملابس واقفين مصلبون في صلبان يتعاقب عليهم ملائكة الرحمة لاستجوابهم أصر الملائكة على إسماع الإنسانيون الثلاثة كلمات شتم للدين والملك والعروبة مارس الملائكة الديمقراطية التي جاءوا من أجلها للعراق بكل فن .
الأميركي أسطوري في كل شيء حتى حين يستحيل إلى ملاك يمارس العذاب والتنكيل ويجلب الكلاب لتلهو مع المعتقلين غير أن كلابهم تفرط في اللهو كما يفعلون لدرجة أن يدحرج الكلب المعتقل ويمسح به الزنزانة إنه الفن الأمريكي ومعلوم عن ملائكة أمريكا الرومانسية ما دعاه لتصوير الإنسانيون الثلاثة من الأمام والخلف وهم عراة..
تسعة وخمسين يوماً والثلاثة يشتاقون لجهنم كي تخلصهم من ملائكة العذاب عصي في الأعجاز وحرمان بالأيام من الماء والشراب وركل بالأقدام ناهيك عن وحشية الكلاب التي تمارس اللهو ببراءة !! شتائم تزكم الأنوف تعاقب للتحقيق على مدار الساعة . زنزانة نتنة لا يستطيع المحقق البقاء فيها أكثر ساعة هذه هي الطقوس التي كتب على الإنسانيون الثلاثة العيش فيها لشهرين متتابعين يغفوا أحدهم بعد ركلة من قدم قذرة فتحضر أما م عينيه صورة ابنته ذات الأربعة أعوام تبتسم ابتسامة جميلة وتطلق صوت بريء أبي متى ستعود !!؟ يفيق من بصقة غطت وجهه من ذلك الملاك فيشيح بوجهه للجهة الأخرى وتدوي بأعماقه طوابير الأسئلة ما الذي فعلته أين الدولة التي انتدبت من اجلها أين أنت ياخادم الحرمين ؟ هو كالأشم لا يبكي لكن قلبه يتقطع ألماً . وينتظر الموت فقط يستحضر أبنائه المساكين من لهم غير الله ترى هل يعلمون بما أواجه على تسربت أي من الصور التي التقطت لي ووصلت إلى أيديهم . لم يعد يشعر انه يملك يدين فهما معلقتنا منذ شهرين يراهما لكنه لا يحس بهما لم يعد يألف شكل الملابس يصلي احدهم بالنية مع أن الساعة لديه الخامسة عصراً طوال مدة اعتقاله .! بذلت الدولة مساعي حثيثة لتخليص المعتقلين وتحقق الخلاص بأمر الله فالتقى الثلاثة ولم يعرف أحدهم الآخر وكأن الفراق دام ألفي سنة . لا غرابة فأنت في ضيافة ملائكة الرحمة الأمريكية .