الشيخ نمر بن عدوان الصخري من شيوخ بنى صخر قبيلة عربية مشهورة مواطنها الآن شرقي الأردن شاعر علم كان الشاعر أميراً للبلقاء اشتهر بنبله وكرمه وسجاياه الحميدة
أما شاعريته فهو شاعر عاطفي واقعي هزه الأسى وأضناه الوجد وعصره الألم نظم الشعر يشكو ما أصابه فتفاعلت الجماهير مع شعره ورددوا شعره في كل مكان فتعاطف الناس معه وأحبوه وتابعوا أخباره التي سارت بها الركبان
أما حكايته فهي حكاية غريبة عجيبة فقد توفيت زوجة وضحا وهو في قمة سعادته معها فانفتق جرحه وأنشد شعره وكأنه قبل وفاتها لم يكن شاعراً ولكنه ومن فرط ما أصابه قد تفجرت بداخله ملكة الشعر وأظهر روائع الوجدانيات بالشعر النبطي
أما قصة وفاة وضاحا فاغرب ما روي عنها أنها اعتادت حلب الناقة لنمر قبل عودته لبيته من مجلسه بدقائق قليلة وذلك لشدة حرصها عليه لكي يشرب حليب الناقة ساخناً ، وذات ليلة عاد نمر قبل موعده الذي تعود أن يعود فيه وفى طريقة إلى البيت لمح نمراً خيالاً بين أرجل الناقة فظنه حائفاً يريد سرقتها فضربه برمحه وأرداه قتيلاً وإذا بالخيال وضحا
وهناك روايات كثيرة عن أسباب وفاتها فمن الرواة من يقول أنها توفيت بمرض الطاعون حيث حل بهم الوباء وكانت من ضحاياه وهناك من يقول إنها توفيت بالجدري وغير ذلك من الروايات
يقول الرواة إن نمر بن عدوان قد تزوج بعد وضحا بتسع وتسعين وضحا لعله يجد من تحل محلها فلم يحد حتى أنهكه المرض وأعياه الوجد فلحق بوضحا في مطلع القرن الثالث عشر الهجري وهو لم يتجاوز الأربعين من عمره وفيها يقول
البـارحـة يـوم الخـلايـق نيـاما
بيّحـت من كثر البكـا كل مكنـون
لـي ونّـهٍ مـن سمعـها ما ينـاما
ونّة صويبٍ بين الأطـلاع مطعـون
والاّ كمـا ونّـة كسيـر الســلاما
خلـوه ربعـه للمعاديـن مـديـون
فـي ساعـةٍ قـل الرجـا والمحـاما
فيمـا يطالـع يومهـم عنـه يقفـون
تسمـع لهـا بيـن الجرايـد حطـاما
من نوحها تدعـى المواليـف يبكـون
والاّ خـلـوجٍ سـابـتٍ للهـايـاما
على حوارٍ ضايـعٍ فى ضحا الكـون
والاّ حــوارٍ نشقــوه الشمــاما
وأمه تطالـع يـوم جـرّوه بعيـون
والاّ رضيـعٍ جـرّعـوه الفطــاما
أمه غـدت قبـل أربعينـه يتمّـون
عليـلك ياللي شرب كـأس الحمـاما
صـرفٍ بتقديـرٍ مـن الله مـاذون
والباحث في تراث نمر بن عدوان الأدبي لا يجد قصيدة لم يذكر بها وضحا أو يتوجد عليها والثابت عن نمر كلمة قالها راحت مثلاً بين الناس قوله هذا بلاء أبيك يا عقاب فقد سأل من ولده عقاب وهو صغير السن سأله نمر عن المرأة التي تزوجها حديثاً أيها أجمل هي أم والدته وكان متوقعاً أن يمتدح الطفل والدته ولكنه أمتدح الزوجة الجديدة فلما سأله نمر عن السبب قال عقاب أن أمي عوجاء إذا نامت على جنبها وقذفت الشرية أي نبات الشري إذا قذفته دخلت بين صدرها وردفها لذا فالمرأة هذه أجمل منها حيث لا عود فيها فصرخ نمر هذا بلاء أبوك يا عقاب وراحت مثلا وأنشد يقول
باح العزا يا عقاب صبري غدا ويـن
لـو درت عنـدي ذرةٍ مـا تجـدها
صبـري دفنتـه بالزبـاره بيبريـن
الله يكـافـي شـر منهـو جحـدها
ياسيـن يام عقـاب ياسيـن ياسيـن
يا شبه عنـز الريـم ترعـا وحـدها
بنت الرجـال وخالـطٍ عقلـها زيـن
روايـح الريحـان ريحـة جسـدها
جتنـي عطا ما سقت فيـها تثاميـن
شيمـة فهـود كـل من جا حمـدها
كان شعر نمر كله في الوجد والحرمان ولم يذكر الرواة له إلاّ قصائد تعد على أصابع اليد الواحدة ، في غير ذلك منها قصيدة يعاتب فيها ابن عمه حمود مطلعها
يا حمـود قل لحمـود وشجاه منـي
علـمٍ تحاكـو بـه وعنهـم نحونـي
عند العـرب يا حمود أضحك بسنـي
وبأرض الخلا يا حمود أبيح كنونـي
ومن القصائد التي لم تنشر من قبل للشاعر نمر بن عدوان ، وهي في الشكوى من الحب وولعلها قبل وفاة زوجته وضحا التي اشتهر بمرثياته لها :
سارت خشارق في طوارق هوانا & تحوف زفراته لواهب لواميع
ليلة ثمــــــانٍ فـي توالي رمـضانا & غايب قمرها والكواكب توابيع
في جنـح ليلٍ راحـت الــروح وانا & لاقلت روحي ياخذ الوجد توليع
تمـنيت روحـي ياخذونه عـــــدانا & خلف المخلّى في وجيه المفازيع
يرد ورا المطروح ســاعة نخانا & في وجه صبيانٍ سكارى مداريع
والاّ بغــــــاراتٍ لـنـا يوم كـــــانا & والنفس ياخـذها سبايب تواليع
خـــذها حــبيبٍ بالمودة ســـــلانا & لا في غلاه اخذ ولااشري ولابيع
قـــد خم قلـبي خمّة الخــيــبطانا & كــدريّةٍ هـفّـت مع ذاوبة الريع
قلـبي هبــيل وبالخــلايق شـقانا & ياشاري القلب المشقّى وانا ابيع
قـلـبٍ بقلب ، وزود منا ثمـــانا & وضحٍ عليهن مثل غتر المانيع
يا لايمي يـبـلاك رافـع سـمــانا & بسبعٍ بسبع الله سبع التسابيع
((ثور من البلقا )) اي مشى من البلقا
وقال نمر بن عدوان هذه القصيدة والمرثية المعبرة بعد وفاة زوجته
وضحة السبيلة:
الله من قلب(ن) بدا بيه حمسي - يذوب لو باسه حجر قرطياني
يذوب ذوب الشمع من حر شمسي - ولا الشحم من فوق جمر ارهجاني
ياراكب من عندنا فوق عنسي - عنسي ولد عنسيت(ن) من عماني
أسرع من اللي عالمحطات يرسي - قطاع لفجوج الخلا مطرشاني
عليه شداد الغوى مطلوس طلسي - لونه يلالي مشادياً قرمزاني
ثوٌر من البلقا بحوران يمسي - من نمر بن عدوان لجديع عاني
يازين محروج الضحى بيوم حبسي - ياجديع وافرقا خليلي كواني
اللي سبب عمسي وحمسي وطمسي - بسبعي وخمسي وباربعي مع ثماني
وهلال وهلالين ومن اول أمسي - الله وأكبر من حياة(ن) هواني
نصبح بحال(ن) وبالغبن نمسي - والله مامثلي صبر ميد ماني
من ضيقة بالصدر تصبح وتمسي - أوجس بقلبي لون فضخ الرداني
من لامني يبلاه ربي بلمسي - يجيه دوره مثل ما الدور جاني
(( ياعقاب وجدي على صاحب(ن) راح ))
هذه إحدى قصائد نمر بن عدوان في زوجته وضحة موجهة لإبنه عقاب
ياراكب(ن) من عندنا فوق مواح - زليل شاحوفن بموج(ن) يموحي
هيج(ن) تذير مع صحاصيح صحصاح - له مرفق(ن) ماهو لزوره لحوحي
بسفايفاً من فوق الأمتان طفاح - طير يرفرف بالجناح اللفوحي
لا بان بسام الضحى وضاح ضحضاح - أسرع من اللفاح يومن يلوحي
من ناصحاً عني نصوحا ونصاح - ومن ناصح النصاح ناصح نصوحي
ياعقاب وجدي على صاحباً راح - عشرة سنين أفنيت روحي بروحي
وليا تفطًنت وقتا مضى وراح - كني خلوجا بالنوازي تنوحي
أعول عويل الذيب بفجوج الأصباح - وخطراً علي ياعقاب روحي تروحي
من فقد أم عقاب ماخاطري إنساح - من عقبها ياعقاب لسمع ولا أوحي
لوجن بنات البدو بطيب الأرياح - ومحفلاتن والخزاري تلوحي
ولو من بحر بغداد لبلاد سراح - ومن تونس الخضرا لأرض الفتوحي
والله لو قالوا غنادير وملاح - لاقول شينات(ن) وشهب(ن) كلوحي
باح العزا ياعقاب من مهجتي باح - من لاهب(ن) بالصدر حرق جروحي
يامسندي عسى البال يرتاح - روحي توازي لروح خلي تروحي
ياما غدى قبلي مخاليق ورواح - واليوم أنا من عرض ماراح أروحي
منقول