حين نزلت الرسالة المحمّديّة وبعد أن ضاقت عليه مكّة بما رحبت وجب عليه النزوح ليثرب فاستقبلته وصاحبه استقبال الملوك ....
وفي ذلك الوقت العصيب على الرسالة الإسلاميّة إهتم المصطفى بإرساء قواعد للدين الإسلامي..
فقد عقد اتفاقيات سلام مع يهود يثرب _رغم أنهم ضربوا بها عرض الحائط _ تلك الإتفاقيات كانت كفيلةً بأن تساعد على إرساء السلام وكانت خطوة نحو حوارٍ إسلاميّ يهوديّ ...
قبل ذلك الأمر بزمن ليس بالبعيد هاجر من هاجر من المسلمين إلى الحبشة ودار في بلاط النّجاشي ماليس ببعيد عنكم ... ولما طلبت قريش رقاب الخارجين عليها رفض النجاشي الإنصياع لهم بحكم أن هؤلاء القوم وماأُنزل عليهم لايختلف عن ناموس عيسى ...وكانت هذه المبادرة تمثل الحوار الأول للمسلمين مع المسيحيّة ...

لستُ هنا في موقف المتتبع لتاريخ الحوار الديني بين الديانات السماويّة ولكنّني مثمنٌ للمبادرة الملكيّة من القائد الإسلاميّ الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبابا الفاتيكان بنديكتيوس السادس عشر في روما ...
وهي إمتداد لما قام به الشيخ محمد الحركان قبل حوالي ثلاثين عاماً عندما زار الفاتيكان بتوجيه من الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز _رحمه الله _ ..

في ظلّ الصراعات التي يشهدها العالم ...وفي ظل التطاولات من جميع الأطراف على الديانات السماويّة بتنا بحاجة إلى من يقرّب بين وجهات النظر ...إلى من يجمعنا مع المسيحيين على طاولة نقاش لمعرفة الأسباب التي أدت إلى تردي العلاقات الدينيّة بين العالم الإسلاميّ والعالم المسيحيّ..ولنَقُـل لحوار السِّلاح كفى ...وأهلاً بحوار الأقلام والعقول ...

نحن نتقاسم هذه الأرض التي أمرنا الله بإعمارها والعمل الصالح فيها ..ولم يأمرنا بالتقاتل أو السيطرة على المجتمعات تحت إرهاب السلاح ...

إن الخطوة الغير مسبوقة التي قام بها سيدي ملك البلاد لتعدّ خطوة على طريق السّلام الحقيقيّ ...السّلام الفعليّ المقرون بالمعاهادت والمواثيق مع أعلى سلطة دينيّة مسيحيّة في العالم ...

مثلما نقيم على أراضيهم بحجّة الدراسة أو العمل ونتمتع بكامل حرّيتنا الدينيّة يجب أن نضمن لهم على الأقل سلامة أرواحهم داخل أراضينا الطّاهرة ..
نحن لم نزل نحتاجُ إلى الخبير وإلى الطّبيب وإلى المهندس الغربيّ ...ونكفل له حريّة الديانة وسلامة المكان وأمانه ..

همسة /

مليكي عبدالله بن عبدالعزيز أيّ رجل أنت....!!
خلقت من الصِّراع تقارب ...ومن التشدّد حواراً ..ومن الحرب محبّة...
سيدي عبدالله ..لم ترسل للفاتيكان قنبلة نوويّة كما يريد البعض ,
بل ذهبت إليهم حاملاً قلماً ...وابتسامةً ...وسلاما..





بقلم/ محمدالقاضي
الرياض..