قالَ إبراهيم الخواص : " المراقبة خلوص السرِّ والعلانية للهِ عزّ وجل من الداخل ومن الخارج ، وقيلَ أفضلُ ما يُلزمُ الإنسان نفسهُ في هذه الطريق المحاسبة والمراقبة وإيقاعَ عملهِ مع الحُكم الشرعي "، أن تُراقب نفسك .. بعد المُراقبة في مُحاسبة 0
قال : إذا جلستَ للناسِ فكُن واعظاً لقلبكَ ونفسك ولا يَغُرّنكَ اجتماعهم عليك فإنهم يُراقبونَ ظاهرك والله يُراقب باطنك . لا تغترَّ أن يجتمعَ الناسُ عليك لأنهم يملكون أن يُراقِبوا ظاهِرك وأنت طبعاً ذكي سوف تجعل من ظاهركَ ظاهراً صالحاً ، لكنَّ الواحدَ الديان يُراقب قلبك فاجهد أن تُحاسب نفسك قبلَ أن يُحاسبكَ الله عزّ وجل .
قال العلماء مجمِعون على أنَّ مراقبة الله تعالى في الخواطر سببٌ لِحفظها في حركات الظواهر " فمن راقبَ الله في سِرّهِ حَفِظهُ في حركاتهِ في سِرّهِ وعلانيتهِ ". أنتَ في حال المُراقبة تعبد الله باسم الحفيظ والرقيب والعليم والسميع والبصير هذه الأسماء الحُسنى الخمس كُلُها تؤدي معنى المُراقبة .. إذا تكلّمت فهو سميع ، وإذا تحركت فهو بصير ، وإذا أضمرت فهو عليم ، وإذا خرجتَ من بيتك فهو الرقيب ، وإذا عَمِلتَ عملاً فهو الحفيظ ، في نسخة كلّ حركاتك مُسجلّة عِندَ الله عزّ وجل .
فالله حفيظٌ ورقيبُ وبصيرٌ وسميعُ وعليمٌ . الحركة بصير ، الكلام سميع ، الإضمار ما في الداخل عليم ، الحفيظ الأعمال مُسجّلة موثّقة ، المُراقب يعني لكَ بالمرصاد .
لذلك .. أهل الله ، أهلُ القُرب ، المؤمنون الصادقون ، لا تغيب عظمة الله عن أذهانهم أبداً بدليل أنَّ هذا الاستعظام للهِ عزّ وجل لا يصرِفهم إلى غير الله . فهذه الحال امتلاء القلب من عظمة الله عزّ وجل بحيثُ يذهلُ عن تعظيم غيره ومن كان يُحبُ المرءَ لا يُحبهُ إلا لله ، لكَ أخ تُحِبهُ لله ، لستَ زبون عِندهُ وليسَ هو زبون عِندك ولا في قرابة ولا في صداقة ولا في مصالح ، إطلاقاً ، لا تُحبهُ إلا لله ، لا علاقة دنيوية بينكَ وبينهُ هذه علامة الإيمان ، ومن يكرهُ أن يعود في الكُفرِ بعدَ إذ أنقذهُ الله كما يكرهُ أن يُلقى في النار . يقول أحد العلماء : إذا لم تجد بالعمل حلاوةً في قلبكَ وانشراحا فاتهمهُ .. اتهم قلبك .. فإنَ الربَّ تعالى شكور .. يعني .. لابدَّ من أن يُثيب العامل على عملهِ في الدنيا من حلاوةٍ يجدُها في قلبهِ .
قال الشاعر إبراهيم ربيع :
روعة الصبر بالجزاء جديرة
قد تكون الظروف جد عسيرة